(159) نهر النيل في… الإسلام
كان في منطوق هذه الوثيقة وما أشارت إليه في البند الرابع منها، والخاص بالمساحة الخضراء هو في الدعوة إلى تكوين ودعم الأقليات بحيث لا يستقيم النسيج الاجتماعي لهذه الدول ويظل مرهونا بالمحيط الخارجي، وعلى إثر ذلك يتم إثارة النعرات الطائفية وإشعال الفتن الطائفية بين أبناء الشعب الواحد.
من خلال تهييج فئات المجتمع المختلفة على بعضها البعض، بحيث يظل كل واحد متحفز على صاحبه وجاره والمخالف له في الرأي أو الانتماء للقبيلة أو اللون أو الجنس أو اللغة أو العقيدة، فيتشتت الناس وتبحث كل جماعة أو فئة أو طائفة عن مصالحها الذاتية من خلال طلب المساعدة من الخارج، الذي يريد إضعاف الجميع، من أجل أن يسيطر على الجميع وبهم يتمكن من السيطرة على كل خيرات البلاد، ويذيق الجميع الويلات من وقف معه أو من وقف ضده، فالكل عنده سواء، طالما وصل إلى غرضه وهواه.
تحقيق الاستعمار لأهدافه
ولكي يتمكن الاستعمار من تحقيق أهدافه والوصول إلى أغراضه وهواه، فعليه نشر الفشل والفساد بين الزعماء، الذين جلبهم إلى السلطة وإعطاهم المال، ثم يبدأ في إثارة قضايا الفساد في وجوههم وتحويلهم إلى المحاكمة بتهمة الفساد ونهب المال العام، وهو يملك كل الملفات، ثم البحث والتقصي بين أفراد الشعب عن كل مستعد أن يقدم نفسه قربان من أجل تنفيذ خططه وتحقيق مآربه.
ملوحًا بالعصا والجزرة على حد سواء، فالخادم المطيع لأهداف الاستعمار، يدفع به إلى الأمام ويتقلد المناصب في كل الاتجاهات ويحصد الجوائز، ويكون ضيفًا دائمًا على مراكز الأبحاث وفي موقع الأحداث وعلى القنوات الفضائية، حتى ولو كان من أنصاف المثقفين أو بلا تعليم وتفتح له الأبواب يدخل من حيث يشاء ويملك المال الوفير الذي يجعله يعيش في رغد من العيش وشعبه جعان.
ويختار العناصر المستعدة للسهر على خططه وتنفيذها وتفعيلها على أرض الواقع، ومن يقع عليه الاختيار، يتم زرعه في كل مفاصل الدولة ومراكز صناعة وتنفيذ القرار، ويتحول إلى أخطبوط متعدد الأطراف، ويصبح له صولة وجولة في كل مجال ويركز على السلطة والمال والإعلام، كي ينفذ خططه ويحقق أهدافه بأقل الخسائر الممكنة.
ثم يقوم بالدفع بخلاياه النائمة والمستيقظة على حد سواء إلى واجهة الأحداث وعناصره المستعدة لتنفيذ مهامها وتحقيق أجندته على أرض الواقع في كل الأوقات، حتى في غياب الرابط بين كل هذه القوى والتي يستطيع تحريكها بكل الطرق والوسائل والأساليب المختلفة، من أجل القيام بواجبها عند اللزوم، فيتمكن من غواية وإغواء الأفراد والجماعات في غياب الرؤية الصحيحة وفي غياب صندوق الانتخاب وفي غياب كل عناصر الثواب والعقاب.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر