(165) نهر النيل في… الإسلام
لن يُحقِّق العرب تقدم في أي مجال في غياب الحكم الرشيد، الذي يقدم المصلحة العامة على الخاصة، وعندما تقدم المصلحة العامة على الخاصة، يبدأ العرب بالنهوض من نقطة الصفر من أول السطر، بعدها بمكن التقدم خطوة واحدة إلى الأمام ناحية التقدم العلمي.
ولن يتم ذلك إلا بعد وضع رقم بعد الصفر وحرف لكتابة كلمة من أول السطر، ثم تتوالى الكلمات في جمل وعبارات في صفحة وصفحات وفي فصل وفصول وباب وأبواب، تنتهي بكتاب إلى أن تصنع أفكار قادرة على إخراج العرب من الفرقة والاختلاف على توافه الأسباب على السلطة، مع أنها مغرم وليست مغنم في عرف العقلاء، والذي جر على العرب كل الويلات وجعلهم مطمع لكل دول العالم، والمحيطة به من كل الاتجاهات.
العجيب أن الحاكم في العالم العربي كما في غيره من البلدان، يعلم أنه سوف يترك السلطة عاجلًا أم آجلًا كما تركها من سبقه بالعزل أو السجن أو الموت أو القتل، فلا طريق آخر سوى جمع الشمل في داخل الدولة الواحدة وفي داخل العالم العربي، وليعلم الحاكم أن ترك كرسي السلطة مسألة وقت، والتغيير قادم لا محالة كما وصل هو إليه وهكذا.
مساوئ وثيقة هنري كامبل بترمان
كانت ذروة الأحداث المترتبة على وثيقة هنري كامبل بترمان، في احتلال العراق وأفغانستان، في بداية القرن الحادي والعشرين بعد فيلم 11 سبتمبر 2001، وتدمير برجي التجارة في نيويورك بواسطة المخابرات الأمريكية، ثم إعدام الرئيس العراقي، صدام حسين، في ديسمبر 2006، بواسطة أحفاد الهنري ووكلاءه.
بعدها ضاقت الشعوب العربية ذرعًا بحالها في غياب الحكم الرشيد، بعد سيادة الأوضاع المتردية، التي أوصلت الشعوب العربية إلى حافة الهوية، فكانت موجات كاسحة من المظاهرات العارمة التي عمَّت العالم العربي، خاصة بلدان الربيع العربي في 2011، الذي انطلق في البلدان الستة على التوالي، تونس ومصر وليبيا واليمن والسودان وسوريا، والتي انتهت بعزل وحبس وقتل حكامها بني على في تونس، وحسني مبارك في مصر، وعمر البشير في السودان، ومعمر القذافي في ليبيا، وعلى عبدالله صالح في اليمن، وما زالت المعركة دائرة على سوريا.
كانت الشعوب العربية في هذه البلدان الرئيسية يحدوها الأمل في عودة الحكم الرشيد، الذي يعتمد على منطق العقلانية في إدارة البلاد وفي وجود الشفافية والمساءلة القانونية والتداول السلمي للسطة، لكن حدثت انتكاسة خطيرة بتواطؤ واضح وصريح ومعلن بين أحفاد هنري كامبل ووكلاءه في المنطقة.
الربيع العربي
فتم فرملة الربيع العربي، بقوة السلاح والعملاء والطرف الثالث، بعد دفع مئات المليارات من الدولارات إلى حين، لكن البذرة ما زالت تنمو تحت الرماد، إلى أن يشتد عودها وتزداد قوة وصلابة، وتكون عصية على الكسر من قبل أصحاب المجتمع الدولي ووكلائهم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر