(12) الإسراء والمعراج… معجزة إلهية
بعد أن تسلَّم محمد صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكرة الأرضية المادية والمعنوية في رحلة الإسراء الأرضية من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، مرورًا بالمدينة المنورة والتي أصبح فيها مسجده القصي وبطور سيناء لاستلام ميراث موسى عليه السلام وخلافة بني إسرائيل فجمعت تحت راية خلافته مكة والقدس والمدينة والطور.
انتقل من المسجد الأقصى فبدأ رحلة المعراج إلى السماوات العلا حيث زار سكان الملأ الأعلى، وفيها
استلم خلافة الملائكة ومفاتيح القرآن الكريم في ثبات المؤمن بربه والمستيقن بحفظه وعنايته حتى وصل إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذا يغشى السدرة ما يغشى.
ثم أخذ في الترقي بروحه وجسده إلى أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الملك العلام الذي أوحي إليه من خيري الدنيا والآخرة بعد أن استدعاه مولاه في مهمة عاجلة تحكي على مر الزمان لا يستوعب فصولها إلا أصحاب العقل والجنان ولا يفهم ما حدث فيها إلا كل ذو شأن وصاحب علم ومقام ففتحت أمامه كل أبواب العلم والمعرفة يغرف منها ومن فيوضات الرحمن المنان صاحب العطف والإحسان وملك السماوات والأرض والجنان حيث شاء.
رحلة تسلم النبي مفاتيح الكرة الأرضية
فكانت الإسراء والمعرج رحلة واحدة عبر الزمان ومرة واحدة بلا تكرار وعاها الزمان بلا زمان ووثقها المكان بلا مكان، فلا زمان ولا مكان في حضرة الملك العلام الذي خلق الزمان وخلق المكان فكانت من إرهاصات الوحي وبركة وعظمة نزول القرآن الكريم حاملة معها بشري السفر إلى السماوات العلا لمقابلة الملك الديان فكات ثمرة عظيمة من ثمرات نزول القرآن الكريم على عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
وكل هذا في الإطار البشري لمحمد صلى الله عليه وسلم بروحه وجسده فكيف يتخطى بشر كل هذه الحجب الهائلة إلا بتأييد وتوفيق من ربه سبحانه وتعالى وهذا فيه إعجاز هائل لمكانة ومنزلة محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه بشكل خاص ودليل على مكانة البشر عند الله سبحانه وتعالى بشكل عام.
والحديث عن الإسراء والمعراج، هو ثاني لقاء رسمي مسجل في القرآن الكريم بين السماء والأرض بعد اللقاء الرسمي الأول الذي نزل فيه القرآن الكريم من السماء إلى الأرض بواسطة جبريل عليه السلام وكان اللقاء الثاني بين الأرض والسماء لقاء موسع في الملأ الأعلى من أجل الاحتفاء والاحتفال بقدوم محمد صلى الله عليه وسلم، في وجود كل مقومات الملأ الأعلى التي كانت حاضرة في هذا اللقاء من البراق وجبريل عليه السلام في معية الله سبحانه وتعالى وهناك فروق شتى بين اللقاءين.
وها هو العلم الحديث في القرن الحادي والعشرين، يثبت بالدليل الواقعي والبرهان ويؤكد صحة حدوث ووقوع رحلة الإسراء والمعراج بعد أن تكشف للعلماء سرعة الضوء وسرعة البرق الخاطف في جنبات الطبيعية وما يتبعها من رحلات عبر الكون من الموجات الكهرومغناطيسية وكل هذه معارف بشرية على إثرها تم تصميم مركبات الفضاء وذهابها في رحلات إلى القمر والمريخ والاقتراب من الشمس.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر