(14) الإسراء والمعراج… معجزة إلهية
ما هي فصول الرحلة العلمية التي قام بها محمد صلى الله عليه وسلم في انتقاله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومنها إلى زيارة للملأ الأعلى والتي كانت كل فصولها معتمدة على العلم النوراني في الروح وليس الجسد وفي حضور الروح والجسد وهذا له مغزى كبير، لأن رحلة الإسراء والمعراج أعطتنا فكرة عن أهمية أن تكون هذه الرحلة نورانية في ثوب بشري.
فمحمد صلى الله عليه وسلم بشر من أبناء آدم عليه السلام الذي امتزجت فيه الروح النورانية بالصلصال كالفخار فأصبح بشر سويًّا بعد أن بُعثت فيه الروح الحياة ولكن الملاحظ في رحلة الإسراء والمعراج أن القائد الظاهر هو الروح بعد أن كانت خفيه داخل الجسد على عكس الواقع في الأرض التي يطغى فيها القائد الظاهر في الجسد على الروح الخفية.
فها هي الروح الخفية والغامضة والتي تُمثل غيب مطلق داخل الجسد المادي على الأرض تدير المشهد كله وتقود رحلة الإسراء والمعراج حتى نفهم نحن البشر مسارات الروح في الأرض وفي الملأ الأعلى، بالرغم من غموضها عنا وداخل أجسادنا فيأتي جبريل ذو الروح النورانية، فيقدم لمحمد صلى الله عليه وسلم بصفته البشرية، البراق وسيلة السفر النورانية بمواصفات الملأ الأعلى.
فصول الرحلة العلمية لمحمد صلى الله عليه وسلم
فتظهر لنا قدرات الروح النورانية اللامحدودة عندما تنطلق من الأرض إلى الملأ الأعلى، بمواصفات بشرية فيكون الوصف في هذه الرحلة نوراني مثل نورانية الروح التي تخطت الحجب فارتقت إلى السماوات العلا بنورانيتها، لتصل إلى الله سبحانه وتعالى فيكون كل الحديث عن هذه الرحلة في إطاره النوراني بالرغم من أن الزائر كائن بشري من أبناء آدم عليه السلام.
فتبرز لنا هذه الرحلة النورانية مكانة ومنزلة الروح البشرية التي تدير أجسادنا من وراء ستار، دون أن نعلم عنها شيء ودون أن نشعر بها أو نحس بوجودها أو نراها بأعيننا وهذا يجعلنا نتفهم مسارات الروح في الملأ الأعلى بعد خروجها من الجسد فتذهب إلى بارئها وخالقها الله سبحانه وتعالى مصداقًا لقوله تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” (الإسراء: 85).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر