(57) إشراقات… رمضانية
كان لرمضان بالغ الأثر، في إعطائنا كل هذه الملامح الواضحة والعلمية والدقيقة عن خلق الإنسان، منذ أن كان نطفة حتى أصبح بشرًا سويًّا فخرج إلى الحياة ثم تحدث بشكل من التفصيل عن المراحل المختلفة التي يمر بها في الحياة بحسب الوصف الزماني والحيز المكاني، الذي يشغله في الحياة، وعلاقة الإنسان زمانيًّا ومكانيًّا بما حوله من مخلوقات الله خاصة السماوات والأرض والعلاقة التي تربطهما بالإنسان.
وانطلاقا من هذا السقف الزماني المكاني الذي يشغله الإنسان في بطن أمه أو في المراحل المختلفة التي يقطعها في الحياة وعلاقته بخلق السماوات والأرض، نجد أن العمر قصير والحيز ضئيل، إذا قارناه بعمر الكون الزماني وما به من مجرات وكواكب ونجوم وشموس وسدوم وبقع سوداء وإذا ما قارناه بمساحة الكون المكاني وما به من مجرات، سيدرك الإنسان أنه لا يمثل شيء في الزمان ولا في المكان خاصة إذا قارناه بعمر ومساحة الكون، مما يدل دلالة قطعية على عظمة الله خالق الزمان وخالق المكان.
الملامح الواضحة في حياة الإنسان
وإذا تتبعنا المراحل التي يمر بها الإنسان بعد خروجه من بطن أمه بشرًا سويًّا، نجد أنه ينتقل من مرحلة إلى أخرى في الدنيا بقدر الله، فينتقل من مرحلة الرضاعة بعد سنتين إلى مرحلة الطفولة في سبعة أعوام ومرحلة الصبية عند عشر أعوام ثم مرحلة الفتوة بعد الثانية عشر ويدخل منها إلى المراهقة عند الرابعة عشرة، ثم البلوغ عند السابعة عشرة ثم الشباب عند العشرين.
ويبدأ الرجولة من العشرين وينتهي عند الأربعين ومنها إلى الكهولة حتى الستين، ثم الشيخوخة حتى الثمانين، ثم أرذل العمر بعدها، ثم يغادر الدنيا ويترك الدائرة الثانية في الدنيا، لكي ينطلق بعدها إلى الآخرة في الدائرة الثالثة والنهائية في رحلة الإنسان.
وهذا فيه إعجاز كبير، فمرور الإنسان بكل هذه المراحل في الدنيا، يعطيه الفرص الكثيرة لمراجعة نفسه قبل المغادرة، فإذا عقلها وفهم ما فيها وانتهت حياته نجا من الآخرة، وإذا غادرها دون أن يفهم حقيقتها ومغزاهها، وقع في خطأ جسيم وخسران مبين دون أن يدرك.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر