(16) إن الدين عند الله… الإسلام
لا يمكن أن تتحوَّل المراهقة السياسية التي نتج عنها نظام الفكر الواحد، إلى أداة لهدم الإسلام ومقومات وجوده، بعد تحييد الشعوب والتخلص من وجودها، في البحث عن العمل الجاد والإنتاج.
فبدلًا من أن تكون الشعوب رقم محترم على اليمين يسعى إلى تحقيق التقدم والازدهار لأبنائه، تحوَّلت الشعوب إلى رقم على الشمال لا قيمة لها ولا وجود، في حل أدنى مشاكلها الحياتية.
وكان السبب في غياب وتغييب الشعوب عن القيام بواجباتها تجاه نفسها وأوطانها، واضح وصريح في كلمات المسؤول الذي جعل من نفسه مسؤولًا، فبعد أن التفت إلى الشعب وقال لهم بملء فِيه “أنا كل حاجة”، فرد عليه الشعب بملء فِيه وفي صوت واحد، وقال له “طيب وأنا مالي”.
فكانت لهذه المواجهة الكلامية الصامتة والكارثية بين النظام والشعب، الأثر الفعال في انهيار كل شيء، بعد أن أعطى الشعب ظهره للنظام، وقال له “إذا كنت أنت كل حاجة طيب وأنا مالي”، فأدت هذه المقولة إلى إخلاء الشعب مسؤوليته عن نفسه ودوره في إنقاذ الوطن، وفي القيام بالعمل الجاد والإنتاج.
فأدى ذلك إلى انهيار كل مؤسسات الدولة تباعًا، وأصبح النظام وأتباعه والذين لا يعدون على أصابع اليدين والرجلين ومضاعفاتهم، يمثلون اللاعب الأساسي في الملعب ويجلسون على دكة الاحتياطي، لدخول الملعب عند اللزوم، ولا وجود ولا مكان للاعبين الآخرين الذين يمثلون 99.99%، من الشعب المغلوب على أمره، بعد أن تم تشميع المنظومة بالشمع الأحمر، فلا يمنع من الدخول إلا الأقارب والمحاسيب، والذين يمثلون الطبقة العليا بالفساد والخيانة، بعد أن كانوا يقبعون في قاع المجتمع.
انهيار منظومة القيم والأخلاق.. نظام الفكر الواحد
فانهارت منظومة القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية بفعل فاعل، وأخذت معها كل ما له علاقة بالإسلام بشهادة علماءه، وبعد أن أصبح الإسلام طقوس تؤدى ولا علاقة لها بأرض الواقع، ومعه انهارت منظومة الصحة والتعليم، وأخذت معها منظومة البحث العلمي والجامعات، والتي أخذت في أيديها المنظومة السياسية ومعها المنظومة الاقتصادية، والتي أخذت معها الزراعة والصناعة والسياحة والتجارة وكل مؤسسات الدولة.
كانت النتيجة الطبيعية المترتبة، على انهيار مؤسسات الدولة، أن أعطت الفساد المقنن قبلة الحياة، ومنحت القتل الممنهج الشرعية، فجرت على الشعوب الحروب والويلات، وذاقت الناس الأمرين، في الفقر والجوع والحرمان على مستوى كل الدرجات، بعد تفشي كل أنواع الظلم الاجتماعي وغياب العدالة اللازمة لحماية حقوق البلاد والعباد.
ومع انهيار القيم والأخلاق المنبثقة عن الإسلام، انهار الاقتصاد الذي يعتمد على الصدق والأمانة في وجود العدالة، قاطرة العلم والعمل والتقدم والإنتاج، وهي تمثل أبجديات الحديث عن الاقتصاد، في غياب معيار التعليم الذي يحول الفكرة إلى منتج، يدر دخل على البلاد بالعملة الصعبة فيزيد من الاستثمار، ويوفر وظائف للشباب لحل مشاكل البطالة، التي تصب في نهاية المطاف في المخدرات والدعارة والتطرف والإرهاب.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن منظومة القيم والأخلاق المنبثقة عن الإسلام، تمثل صمام الأمان وسد منيع ضد انهيار المنظومة التي بنيت عليها المجتمعات، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإردته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر