(34) إن الدين عند الله… الإسلام
قارون كان يُمثِّل فصل آخر من فصول وأوجه الطغيان ونموذج بشع ووجه قبيح، في البحث عن الغني وجمع المال وكان يتلاعب بحاجات المصريين، لسرقة أموالهم والسطو على الذهب الذي يملكونه بالخدع والاحتيال، من أجل الغنى والثراء الفاحش، ولم يكن في باله الله.
فكان الجزاء من جنس العمل، فخسف الله به الأرض، وما زال الخسف جارٍ له في باطنها، وبمجرد وصول قارون إلى نهاية الخسف في باطن الأرض السابعة، يُمثل إعلان بقيام الساعة، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
قال تعالى: “فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ” (القصص: 81).
كما أن جرأة هامان قائد الجند الفرعوني، على الله فقدم حماية مجانية للفرعون، وساعده على طغيانه مساعدة على امتلاك السلطة المطلقة التي جعلته يدعي الألوهية وجعلته يقدم الحماية والرعاية والعناية بقارون في استغلال المصريين.
كما كان له دور محوري في دفاعه عن الملأ من القوم ورجال أعمال الفرعون، في سرقة ونهب المال العام، مما جعل منه نموذج منحرف للقادة، ومثال منحط للفاسدين والفاشلين الذين يدعون القيادة، بالرغم من جهلهم الشديد، فيزينون الباطل للحكام الفاسدين والأغنياء المنحرفين، الذين لا هم لهم سوى السيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب، فكان جزاء الجميع، نار جهنم خالدين فيها ومخلدين.
قال تعالى: “النَّارُ يُعْرَضُونَ علىهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ” (غافر: 46).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن النار والعذاب في الآخرة، مصير الثلاثي الشرير، فرعون وهامان وقارون، ومن على شاكلتهم في الأرض إلى قيام الساعة، بعد أن رفضوا، الامتثال لأمر الله والاستسلام لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر