(40) إن الدين عند الله… الإسلام
الأمم والحضارات وما تشكله من مجتمعات حضارية في نواتها ومكوناتها، الأفراد والأسر والجماعات والأنظمة والحكومات والدول والقارات بعشرات المليارات من البشر، كلها رحلت أو في طريقها إلى الزوال، فلن يبقى للإنسان في هذه الحياة شيء يأخذه معه في طريقه إلى الآخرة، إلا طاعة الله وحده فيما أمر ونهى.
كم من الأمم ظهرت ثم اختفت؟.. وكم من الحضارات عاشت ثم اندثرت؟.. وكم من القصور بنيت ثم دفنت تحت الرمال؟.. وكم من الحكام حكموا ثم ماتوا وذابوا في التراب فأصبحوا تراب؟.. وكم من البشر عاشوا ثم ماتوا وتركوا الدنيا في لحظات؟
وفي كل الأحوال، لم ينفعهم ملك ولا سلطة ولا جاه ولا مال وكان لهم موعد مع القدر، فذهبوا إلى الفناء بلا عودة إلى الدنيا دون عبرة أو عظة، لما هو فات وما هو آت، إنها آلية العمل في الحياة الدنيا، فلا شيء يبقى على حاله.
ولا يملك الإنسان شيء من حطام الدنيا الفانية وستظل هكذا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: “قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ” (يونس: 49).
المهم أن يغتنم الإنسان العاقل الفرصة الذهبية، التي منح فيها قبلة الحياة والتي وهبها الله له في الحياة ولا يضيعها ويستغلها في طاعة الله، حتى لا تضيع من بين يديه، فيندم ندم شديد على مقدم ويطاله الخسران المبين، فيفقد كل شيء في الحياة وبعد الممات.
قال تعالى: “فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِين” (الزمر: 15).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالأمم والحضارات تقوم وتسقط وتنهار وتصبح أثر في الجغرافيا، وحكاية وقصة تروى في التاريخ، بعد أن تحوَّلت إلى تراب، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر