(19) مصر… في الحج
مات الفرعون وهلك وطاله الغرق في البحر الأحمر بالاختناق من الخوف من الماء، الذي يؤدي إلى تصلب الجسم وغطسه بعدها يدخل الشخص في غيبوبة، ثم يموت بالغرق الحقيقي أو المبتل وتبلغ نسبته بين 75 إلى 95%، وفيه يتسرب الماء إلى داخل الجهاز التنفسي والرئة والدم غير الاختناق الجاف، والذي يحدث بين 5 إلى 20% من أنواع الغرق نتيجة لانقباض الحنجرة وإغلاق مجرى التنفس.
الغرق في المياه العذبة يختلف عن الغرق في المياه المالحة، وفرعون غرق في مياه البحر الأحمر التي تتميز بارتفاع مستوى الكلور والكالسيوم مع حدوث جلطات في الدم، وتجمع مائي في الرئة مع خروج رغوة بيضاء من الممرات التنفسية، والتي تنهي بأسفاكسيا الخنق مع توقف عضلة القلب والوفاة، والتي تكون ناتجة عن الصدمة النفسية وشدة برودة الماء.
نجاة بني إسرائيل من مطاردة الفرعون
لم تستغرق عملية نجاة بني إسرائيل من مطاردة فرعون لهم، وعبورهم شاطئ البحر الأحمر إلى الجهة الأخرى سوى دقيقتين، وهو يساوي وقت وفاة فرعون وقومه، والتي لا تتعدى أكثر من دقيقتين، بعدها مات الفرعون وقومه بأسفكاسيا الخنق، فكانت دقيقتين كفيلتين بإنقاذ موسى وبني إسرائيل، وهلاك فرعون وحضارته التي تتعدى ثلاثة آلاف عام.
فكان نجاة موسى وقومه وهلاك فرعون وجنوده في دقيقتين، معجزة أخرى، استكمالًا للمعجزة الكبرى التي ترتب عليها انفلاق البحر نصفين بعصى، هي فرع شجرة يابسة، ولكنها تحتوي في ذاتها على غيرها من العصي الأخرى، قوة الله سبحانه وتعالى، فها هي عصى كانت سببًا في انهيار حضارة عمرها ثلاثة آلاف سنة، صنعها عشرات الملايين من الفراعنة، ولكنها ذابت وتبخرت في لحظات ودقائق معدودات.
وتدور الدائرة على بني إسرائيل، فعلا ملكهم وزاد وازدهر، كما حدث مع فرعون وقومه ولكنهم لم يتعظوا حتى هذه اللحظة في القرن الحادي والعشرين من هلاك فرعون أمام أعين الأجداد، فبحثوا عن عبادة المال وجمعه حتى أصبح صنهم المفضل، مثل عبادة العجل في سالف الزمان.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فعصى يابسة من فرع شجرة تدمر حضارة الفراعنة والتي ظلَّت ثلاثة آلاف عام، فهل تكرر المعجزة حتى ولو بغيرها.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر