(34) مصر… في الحج
يقبع خلف هذا الثلاثي الشرير “السلطة والمال والجنس”، حبائل ومكائد إبليس اللعين الذي يدير كل شيء من وراء ستارة، دون أن يراه أحد، فأقسم بعزة الله بغواية البشر ودفعهم إلى البحث عن شهواتهم وملذاتهم، في حيازة السلطة وجمع المال وحب الجنس، بعد أن طرد من رحمة ربه.
قال تعالى: “قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ” (ص: 82- 85).
وبعد أن تعدى إبليس اللعين كل الخطوط الحمراء، أخذ معه أبناء آدم، وجرفهم بغوايته وقدرته على الإقناع ودفعهم إلى الجحيم في الدنيا والآخرة، فكانت المعصية التي طردت إبليس من رحمة ربه في العلو والاستكبار والخيرية، تلاحق أبناء آدم فدفعهم إلى الظلم والطغيان، الذي حولهم إلى شياطين إلا من رحم الله.
ومن اللحظة التي قتل فيها هابيل، تحققت نبوءة الملائكة، بأن الإنسان غير السوي سوف يرتكب كل الجرائم وعلى رأسها الفساد في الأرض وسفك الدماء، وكلاهما مرتب على الآخر لذلك كانت رسالات الأنبياء والمرسلين في حماية الإنسان من نفسه ومن الانحراف والفساد ومنعه من القتل، فكانت بمثابة التطعيم الذي يحميه من استمراء الظلم والطغيان، أدوات الفساد والقتل في العالم.
قال تعالى: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (البقرة: 30).
حبائل ومكائد إبليس
وأصبح فكر الشيطان كالمرض المعدي المزمن، الذي ليس له علاج، ينتشر بشكل ذاتي بين البشر الذين نسوا الله، كالنار في الهشيم، فكانت الكلمات الثلاثة في الاستكبار والعلو والخيرية طريق ىالشيطان، الذي لو سلكه الإنسان هلك واختفى من الوجود، كما حدث مع عاد وثمود وكما حدث مع قارون وفرعون وهامان، وغيرهم من الأشرار على امتداد الزمان، قال تعالى: “فكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا علىهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” (العنكبوت: 40).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، ثلاث كلمات مرضية، كانت سببًا في طرد ابليس من رحمة ربه وهي نفس الكلمات المرضية الثلاثة التي جعلت من الإنسان شيطان العلو والاستكبار والخيرية.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر