(35) مصر… في الحج
هذا فيه لفت نظر وانتباه للبشر، الذين جبلوا على القتل وتملكهم الشر والفساد في الأرض، مما يؤكد قلة علمهم وضآله فكرهم وصغر حجمهم، ومن أجل ذلك أرسل الله الأنبياء والمرسلين لهدايتهم، فينبههم ربهم خوفًا عليهم>> فهل استمعوا إلى ذلك التنبيه الذي يصم الآذان ويوقظ القلوب وينبه العقول أم زادوا في الظلم والطغيان، وتحول إلى حالة مرضية ليس لها علاج.
قال تعالى: “إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا” (النازعات: 26- 27).
والفراعنة نموذج متكرر للطغيان على البشر والعصيان لرب العالمين، على عكس نموذج الحج، فهو متكرر للطاعة والانكسار أمام رب العالمين وأمام خلقه أجمعين، فشتان بين النموذجين نموذج الجنة للحجاج ونموذج النار للفراعنة وكهنتهم على مدار الزمان، وعليك الخيار وأمامك الاختيار.
فإذا كانت الجينات الوراثية المكتسبة لها دور في الطاعة، فإن لها دور في المعصية وامتداد الجينات الوراثية بين النبوة والرسالة من موسى إلى محمد عليهما السلام، كان معها جينات للمعصية متمثلة في فرعون مصر وأبو جهل في مكة والحجاز.
لفت نظر وانتباه.. الشر والفساد في الأرض
وما بين فراعنة مصر في شخص فرعون وفراعنة مكة في شخص أبي جهل، كان الربط والارتباط، ففراعنة مصر تحدوا أمر الله في نبوة ورسالة موسى وهارون عليهما السلام، وفراعنة مكة تحدوا أمر الله في نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
وكل هذا الظلم والطغيان المرتبط بفراعنة مصر وفراعنة مكة، مرتبط ارتباط وثيق بفكر الشيطان، المنبثق من العلو والاستكبار والخيرية، فكانت المحاولات الدائمة والدؤوبة، من منع وصول رسالة الله إلى البشر في مصر ومكة، وهذه أغلى أماني الشيطان، أن يظل الإنسان شيطان.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يربط بين فراعنة مصر وفراعنة مكة وباطلهم وفكر إبليس اللعين برباط وثيق، وكان فيه التحدي قائم على قدم وساق على رفض الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر