(46) مصر… في الحج
كانت هاجر عليها السلام تعيش في ضروب مكة المكرمة مهاجرة، وتمشي في شوارعها وضواحيها وتحملت كل الصعاب من أجل تربية ابنها إسماعيل عليه السلام وبناء الكعبة المشرفة، وكل ما يتعلق بالحج وشعائره وأركانه في أنحاء مكة المكرمة.
وكان لها دور بارز وكبير وأثر عظيم في هجرة الناس، حول العالم من أقصى البلاد وحول الكرة الأرضية إلى مكة المكرمة، تحقيقًا لدعوة إبراهيم عليه السلام، وتأكيدًا لاسم هاجَر عليها السلام المشتق من الهجرة ودورها القيادي والبنّاء في بناء الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين التي يهاجر فيها الناس في صلاتهم حول الكرة الأرضية خمس مرات.
ضروب مكة المكرمة
كما أن لها وجود وبصمات على كل المشاعر المقدسة من الطواف، والسعي بين الصفا والمروة والمبيت بمنى والانطلاق إلى عرفات ثم المزدلفة ثم رمي الجمرات ثم الهدي ثم التحلل من الإحرام وكلها مناسك ومشاعر الحج عليها بصمة هاجر عليها السلام، وفيها معنى الهجرة، التي أرستها هاجر عليها السلام في أول خطوة تخطوها خارج مصر مع زوجها إبراهيم عليه السلام.
وكما أن بناء الكعبة المشرفة واتخاذها قبلة للمسلمين، يعود فيها الفضل الأول والأخير في بنائها بعد الله سبحانه وتعالى وزوجها إبراهيم وابنها إسماعيل عليهما السلام إلى المجهودات الخارقة والتضحيات الجسام التي قدمتها هاجر عليها السلام، فصبرت على تربية ابنها إسماعيل في غياب أبيه إبراهيم، حتى جاء الأمر الإلهي ببناء الكعبة والبيت الحرام.
وكل هذه المناسك والشعائر تعود بالدرجة الأولى إلى هاجر المصرية، والتي تؤكد أن كل مشاعر الحج ومناسكه تمت بأيادي مصرية على أرض الحرمين مكة والمدينة، وكان الدور الأبرز والأكبر والأعظم في بناء الكعبة المشرفة يعود بالدرجة الأولى إلى هاجر عليها السلام وابنها إسماعيل في معية أبيه إبراهيم عليهم السلام.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فإسماعيل عليه السلام بنى الكعبة في معية أبيه وكان همزة الوصل بين إبراهيم وهاجر عليهما السلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر