(47) مصر… في الحج
كما عرفنا أن مناسك الحج والعمرة وشعائرهما قد بدأت بأمر من الله سبحانه وتعالى، فكان سعي هاجر عليها السلام بين الصفا والمروة، فإن هاجر عليها السلام، كان لها الدور الأبرز في ظهور ماء زمزم، بأمر الله سبحانه وتعالى بعد أن ضرب جبريل عليه السلام الأرض بإحدى جناحيه تحت قدم إسماعيل الرضيع فكان ماء زمزم.
فكأن هاجر عليها السلام، تمثل جغرافية نهر النيل القادم من الجنة وماء زمزم القادم من الملأ الأعلى، ومن كلا الماءين كانت الحياة إلى قيام الساعة.
ومن هنا نجد أن هناك علاقة وطيدة تربط هاجر عليها السلام بنهر النيل وماء زمزم برباط وثيق، وإذا كان مصدر نهر النيل من الجنة فإن مصدر زمزم من الجنة أو من الماء الذي تحت عرش الرحمن، لأن ماء زمزم مختلف في تكوينه عن ماء الأرض بما فيها ماء نهر النيل.
وكما فهمنا كانت البداية من مصر، عندما تزوج إبراهيم وهاجر عليهما السلام، ثم استقرارهما بشكل مؤقت في فلسطين، فحملت في إسماعيل عليه السلام ووضعته في فلسطين، وكان الحمل في إسماعيل يُمثل الإرهاصات الأولى للحج ومناسكه، والتي تمت بناء على أوامر إلهية، بعد ذلك على أيدي إبراهيم وإسماعيل وهاجر عليهم السلام.
كان إبراهيم عليه السلام أعجمي من مدينة نينوي بالعراق، ثم سافر إلى فلسطين بعد أن تزوج قريبته وزوجته الأولى سارة عليها السلام، ثم سافر إلى مصر بصحبة سارة وهناك التقى بهاجر عليها السلام، التي ذهبت معه إلى فلسطين، فكان الحمل والولادة في إسماعيل.
مناسك الحج والعمرة وشعائرهما
وهذا يؤكد وجود رباط وثيق في مركز الأمة العربية، وقوتها المتمثلة في ثقل الدول الأربعة “مصر والعراق وفلسطين والحجاز” وتقويتها، يجعل مركز هذه الأمة قوي وعصي على الاختراق، فهي مركز الأماكن المقدسة الأربعة في الطور والقدس ومكة والمدينة.
وهذا يمكنها من الوقوف على قدميها فتقاوم أعدائها من المركز والأطراف، بعد تخليها عن الصراعات الدائرة بين أنظمتها من أجل السلطة والمال، في غياب الوطنية وتغييب الدين الذي يباع بالدرهم والدولار.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يظهر أين تقع مكامن القوة ومراكز السيطرة في الأمة العربية، التي يجب أن يلتف حولها الجميع، إنه في مصر وفلسطين والعراق والحجاز، وهذا يربط الأماكن المقدسة برباط وثيق في الطور والقدس ومكة والمدينة.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر