(14) الإسلام… في ميلاد الرسول
ما بين إسلام الوصف وإسلام العلم، تتبدى عظمة الله في معرفة طبائع خلقه وصنعته، وهدايتهم إلى طاعته من أجل الفوز بالدنيا ونعيم الآخرة فمهد وبشكل متدرِّج من الإسلام الوصفي، الذي يتمثل في دعوة كل نبي ورسول إلى قومه بشكل خاص، مثل آدم وشيث ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام.
فوصل بهم إلى الإسلام العلم، الذي كان دعوة إلى البشرية جمعاء، بعد بلوغها سن الرشد والنضج العقلي، فكانت دعوة الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، هداية للبشرية على امتداد الكرة الأرضية، وفي الملأ الاعلى والسماوات العلا، ومن هنا كانت رحلة الإسراء والمعراج، التي تسلم بها محمد صلى الله عليه وسلم، مقاليد الخلافة في السماوات والأرض.
الفوز بالدنيا ونعيم الآخرة
لم يأتِ الإسلام لهدم ما قبله من الشرائع، وإنما جاء كي يحافظ على وجود البناء ويكمله، حسب التدريج النقلي والتدرج العقلي للبشر، من أجل أن يصل البشر جميعًا، إلى حقيقة واحدة مفادها، أن الله واحد لا شريك له، وأن الأنبياء والمرسلين، يمثلون مشاعل هداية للبشرية، لتأكيد هذه الحقيقة العلمية الوحيدة الموجودة في خلق الكون وخلق الإنسان، وفيها إعلان الولاء لله سبحانه وتعالى.
وإعلان الولاء لله سبحانه وتعالى، معناه أنه خالق الكون وخالق الإنسان، وعلى الإنسان أن يمتثل لأوامر الله ونواهيه، وليس لأوامر ونواهي أحد من خلقه، فصنع الإسلام العلم النموذج، الذي جاء به القرآن الكريم، ونزل على محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يجب أن يتمسك به الإنسان في الدنيا، حتى يتمكن من العبور الآمن إلى الآخرة.
الربط بين الإسلام الوصفي والإسلام العلم
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد الربط بين الإسلام الوصفي الذي حاز على رسالة الأنبياء والمرسلين، والإسلام العلم الذي حاز عليه محمد صلى الله عليه وسلم، فكان له الإسلام الذي جمع بين الاثنين، الإسلامي الوصفي والإسلام العلم، وكانت له الخلافة التي حيزت له صلى الله عليه وسلم وجمع فيها خلافة الأرض وخلافة السماوات السبع والملأ الأعلى.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر