مقالات

(16) الإسلام… في ميلاد الرسول

وقعت أحداث كثيرة في بداية حياة محمد صلى الله عليه وسلم، أخطرها على الإطلاق كان في ليلة ميلاده وولادته والمعروفة بحادثة الفيل ومحاولة أبرهة الحبشي هدم الكعبة المشرفة والذي تحدثت عنه في موقع إعجاز بالتفصيل العام الماضي، وقد سجلها القرآن الكريم في سورة الفيل.

قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عليهمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5) (الفيل: 1- 5).

وبعد هدم الكعبة المشرفة بسبب الطوفان، بناها العرب بحلال مالهم، واختلفوا على وضع الحجر الأسود، فاتفقوا على أن الذي يحكم بينهم أول داخل المسجد الحرام، فعندما رأوه محمد صلى الله عليه وسلم داخل عليهم، قالوا رضينا بحكم الصادق الأمين، وهي الصفة التي كان يتميز بها بين قومه منذ نعومة أظافره، وكان عمر محمد صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون عام، فوضع ردائه وأخذت كل قبيلة بطرفه ووضع بيده الشريفة الحجر الأسود في ركن الكعبة.

بعدها بدأت تتوالى الإرهاصات عليه، فشق صدره الشريف وامتلأ بالعلم الإلهي والحكمة الربانية، فكان علمه غيث من فيض من علم الله سبحانه وتعالى، الذي لم يمنحه إلى ملك مقرب، ولم يعطية إلى نبي مرسل، لكن منحه لسيد الخلق ونبي الحق محمد صلى الله عليه وسلم.

بداية حياة الرسول في مكة

عاش محمد صلى الله عليه وسلم، رضاعته وطفولته وصبيته وفتوته وشبابه ورجولته، على أرض مكة المكرمة وفي جبالها وبين وديانها، وكان يذهب مع عمه أبو طالب في رحلاته التجارية إلى الشام، وذهب مع ميسرة خادم خديجة بنت خويلد في تجارتها قبل أن يتزوجها، ثم تزوجته بعد ذلك لصدقه وأمانته.

وفي مكة المكرمة نزل عليه جبريل عليه السلام، بالقرآن الكريم، بجوار الكعبة المشرفة في ليلة عظيمة القدر، تساوي في ثوابها عمر إنسان يعيش في ألف شهر، حوالي 84 عام.

 قال تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ” (القدر: 1- 5).

منذ هذه اللحظة المباركة، التي شاءت فيها إرادة الله سبحانه وتعالى، أن تكتمل رسالة هداية البشرية، على يد محمد صلى الله عليه وسلم، وإلى أن بدأت بنزول آيات القرآن الكريم عليه مفرقة، حسب الأحداث والوقائع التي كانت تحدث للرسول صلى الله عليه وسلم ويتعرض لها مع صحابته الذين اختارهم الله لمرافقته في الدنيا والآخرة.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالتوراة نزلت جملة واحد على موسى عليه السلام في جبل الطور بمصر، ونزل عيسى عليه السلام من بطن أمه عند ولادته في بيت لحم بفلسطين، ومعه الإنجيل فكان كلامه إنجيل، ونزل القرآن الكريم مفرقًا على محمد صلى الله عليه وسلم، بمكة المكرمة والمدينة المنورة في ثلاثة وعشرين عام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »