(36) الإسلام… في ميلاد الرسول
النسخة الجديدة تخرج إلى العلن بعد اكتمال تكوينها، فتصبح جديدة بمواصفات النسخة القديمة، تاركة وراءها النسخة القديمة التي تظل في خلايا الذاكرة وبظهور النسخة الجديدة تظهر معها الرقابة الذاتية لكل أحوال الإنسان في السر والعلن.
وتختلف النُسخة الجديدة من مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى مثل النُسخة القديمة، فالنسخة الجديدة في الطفولة، غير النسخة الجديدة في المراهقة، غير النسخة الجديدة في الشباب، غير نسخة الجديدة في الرجولة، غير النُسخة الجديدة في الكهولة، غير النُسخة الجديدة في الشيخوخة، غير النُسخة الجديدة في أرذل العمر.
وكل فترة من هذه الفترات الزمنية الجديدة، لها نسخة تُميّزها عن الفترة الأخرى، فلو عاش الإنسان مائة عام يكون عنده 400 نسخة جديدة كاملة في أعماره المختلفة، والتي يتم تخزينها في نهاية المطاف فتصبح نسخة قديمة.
والفرق بين النُسخة القديمة والنسخة الجديدة، أن القديمة تحتفظ بكل أعمال الإنسان، وأفعاله في 3 شهور، أمَّا النسخة الجديدة، فتبدأ في التسجيل بمجرد ظهورها إلى العلن، في خلاياها وأنسجتها وأعضائها وأجهزتها المختلفة لمدة 3 شهور جديدة.
نسخة جديدة بمواصفات النسخة القديمة
وهذا معناه أن النُسخة الجديدة، تسجل على الإنسان كل أعماله في حياته التي تستمر معه 3 شهور من بدايتها إلى نهايتها، حسب عمره فقبل البلوغ يحاسب الإنسان، على الميثاق الأول، في إعلانه الولاء لله والإسلام له، الذي أخذه الله على آدم وذريته في عالم الذر.
قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ” (الأعراف: 172).
وبعد البلوغ يحاسب الإنسان على الميثاق الثاني، في إعلانه الولاء لله والإسلام له، والذي أخذه الله على سائر الأنبياء والمرسلين.
قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” (الأحزاب: 7).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالقاسم المشترك في النسخة الجديدة بين الميثاق الأول والميثاق الثاني هو الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر