(39) الإسلام… في ميلاد الرسول
نعود إلى آلية عمل هذه الميكروبات والفيروسات والفطريات والطفيليات، والتي تقوم بصيانة نفسها بنفسها بشكل ذاتي ومتقن، طبقًا للبرنامج المخلوق داخلها بافعل ولا تفعل، فتمتثل لإرادة الله، حتى تحافظ على ذاتها وحياتها ووجودها في إطار الإسلام.
لكن ما هي فائدة هذه الكائنات الدقيقة بالنسبة للإنسان والكون وسائر المخلوقات؟، إن خلية واحدة من خلايا الإنسان تنتج في اليوم الواحد 3 مليار حامض أميني، كل حامض أميني له كود خاص به وله رقم يعبر عن وظيفته، ويدخل في عمليات كيميائية وبيولوجية، لا أول لها ولا آخر.
الميكروبات والفيروسات والفطريات
وتختلف الأكواد الكيميائية، باختلاف نوع الخلية في جسم الإنسان، فخلية الجلد تنتج بروتين الكرياتين، والخلية الملونة تنتج بروتين اللون، وخلية الخصية تنتج بروتين الحيوان المنوي، وخلية البنكرياس تنتج بروتين الأنسولين، وهكذا الكبد والمخ والبنكرياس والمبيض، وغيرها من سلاسل الخلايا، التي تصل إلى مائة تريليون خلية.
أما الميكروب الواحد، فينتج في اليوم 50 مليون بروتين أميني، كل واحد له كود خاص به وله رقم يعبرعن وظيفته، يدير فيها كل عملياته الحيوية في البناء والهدم، حسب قدراته الكيميائية وإمكانياته البيولوجية والتي تمكن فيروس، مثل فيروس سي وحجمه لا يتعدى 50 نانوميتر (النانو ميتر واحد من مليار من الميتر) من الانقسام، بمعدل تريليون فيروس في اليوم، والتي تهاجم الكبد وسائر خلايا الجسم.. فما هو كم المخلفات التي يمكن أن يتركها فيروس سي وأين تذهب؟
مخلفات عملية البناء والهدم
ومن هنا نجد، أن عملية البناء والهدم لها مخلفات ضخمة وهائلة في الإنسان والكائنات الدقيقة، وهذا معناه أن هذه الكائنات تتخلص من هذا الكم الهائل من المخلفات، التي تمكنه من الدخول في دورة الكون والإنسان، للحفاظ على وجودهما بشكل ذاتي وتلقائي.
وكل هذا يحدث، نتيجة انقياد هذه الكائنات الدقيقة لأمر الله والاستسلام لإرادته، مما جعلها أهلًا للقيام بالخلافة في الأرض مثلها مثل الإنسان.
قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ علىهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ” (الحج: 18).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالدورة الكامنة في بقايا مخلفات الكون وثناياها، الهدف من وجودها وإعادة تدويرها، تمثل احتياطي استراتيجي، لإمداد الكون بما يحتاجه من مواد أولية، من أجل حماية الكون والحفاظ عليه ومنعه من الانهيار في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر