(77) الإسلام… في ميلاد الرسول
إذا كان الله قد كرَّم بني آدم فإن مناط هذا التكريم ينبع من خلق الله لآدم بيديه، ونفخ الله في آدم من روحه وأسجد الله لآدم ملائكته، وكل هذا يصب في مصلحة آدم وأبنائه، لو استقاموا على الطريقة التي خلق بها آدم، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
ومن مناط التكريم لآدم وأبنائه، أن جعله وذريته مخيرًا، بينما كل الكائنات القائمة على خدمته مسيرة، تؤتمر بأمره وتقضي له كل حاجته ومتطلبات حياته والتي لولاها ما عاش آدم ولا ذريته لحظة واحدة في الحياة.
مصلحة آدم عليه السلام
ومن هنا كانت أهمية خلق آدم، للتدليل على وجود لله ومعرفته، قال تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الإسراء: 70).
ومن مناط التكريم لآدم وأبنائه أن حماه الله بسمائه، بما فيها من كواكب ونجوم ومجرات وشمس وقمر تبعث الحياة، فكانت سقفًا محفوظًا بأمر الله، ينزل منها الماء السبب في وجود آدم واستمرار حياته وتبعث فيها الرياح الحياة، التي تلطف الجو وتنزل الماء وتخصب التربة وتلقح النباتات، فتزكي الإنتاج اللازم، من أجل استمرار حياة آدم وأبناءه في الحياة، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
ومن مناط التكريم لآدم وأبنائه، أن حملته الأرض عليها وعاش فيها، فكانت له سترًا وغطاء ومستقرًا له ولأبنائه إلى حين، على غيرها من مئات التريليونات من الكواكب والنجوم، التي تملأ المجرات عن آخرها، بالرغم من كل ما يعتريها من زلازل وبراكين وأعاصير وعواصف في البر والبحر والجو، تهدد وجوده فتوشك على الانهيار، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالأرض المكان الوحيد في الكون، الذي توجد به حياة وفيها وفر الله كل أسباب البقاء للإنسان، بالرغم من أنها تدور حول نفسها، وتدور حول الشمس التابعة لها وتدور مع المجموعة الشمسية حول محور درب التبانة، التي تدور حول الدروب البالغة 3 تريليون درب وكلها تدور حول محور الكون بشكل منضبط، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر