(84) الإسلام… في ميلاد الرسول
من الأدلة أيضًا في الاستدلال المنطقي على أن القلب فيه العقل وفيه آلية التحكم في الخطأ والصواب، وأن تعمد الخطأ وتحري الصواب، يأتي من القلب وليس العقل.
قال تعالى: “لَيْسَ علىكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ” (الأحزاب: 5).
ومن الأدلة العقلية، على أن القلب مرادف للعقل، مما يعني أن القلب هو عقل في الصدر، ما طلبه إبراهيم عليه السلام من ربه في إحياء الموتى.
فربط الدليل بإحياء الموت بطمأنينة القلب وليس العقل، وهذا معناه أن القلب وعاء للأدلة والبراهين العقلية، التي تمد الجسم بكل المعارف الإلهية والبشرية، من خلال ضخ الدم إلى سائر أنحاء الجسم.
قال تعالى: “وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِۧمُ رَبِّ أَرِنِي كَيۡفَ تُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ قَالَ أَوَ لَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ قَالَ فَخُذۡ أَرۡبَعَةٗ مِّنَ ٱلطَّيۡرِ فَصُرۡهُنَّ إلىۡكَ ثُمَّ ٱجۡعَلۡ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٖ مِّنۡهُنَّ جُزۡءٗا ثُمَّ ٱدۡعُهُنَّ يَأۡتِينَكَ سَعۡيٗاۚ وَٱعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ” (البقرة: 260).
ومن الأدلة العقلية، التي تؤكد أن القلب في جوهر العقل، لأنه موضع الإيمان، قال تعالى: “قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيًۡٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ” (الحجرات: 14).
آلية التحكم.. مكانة القلب في حياة الإنسان
ومن الأدلة العقلية على أن القلب فيه عقل وقلب، وفيه كل وسائل الإدراك العاقلة والمدركة، في السمع والبصر والشم والتذوق والإحساس.
قال تعالى: “وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا واتبع هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً” (الكهف: 28).
ومن الأدلة العقلية، على أن القلب فيه عقل ويجمع فيه القلب بين المعنى العقلي والمعنى العاطفي والوجداني، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
قال تعالى: “يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” (الشعراء: 88- 89).
ومن الأدلة الطبية على أن القلب فيه عقل، في القصص التي يتحدث فيه المرضى عن عمليات نقل القلب إليهم من أشخاص آخرين، أكدت على أن القلب المنقول إليه فيه عقل، حيث يصبح المنقول إليه شاعرًا مع أنه كان شخصًا عاديًّا، فاتضح أن صاحب القلب المنقول كان شاعرًا، أو كان يأكل أنواع من الطعام لم يأكلها من قبل، وكان يحبها صاحب القلب وهكذا.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالقلب فيه العقل وبه العلم والفهم والتفكير والاستنباط والاستقراء وحسن التدبير مثل المخ، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر