(1) مشروع الفسيلة… ودروس من الهجرة
تنطلق القاعدة الذهبية لمشروع الفسيلة من المشروع الاقتصادي الأول، الذي طبَّقه المهاجرين، عندما تركوا كل ما يملكون من مال وعقار في مكة المكرمة، وهجروا بدينهم إلى المدينة المنورة، خوفًا من بطش قريش وأشياعهم من قبائل العرب.
وفي المدينة المنورة، كان الأنصاري يتبرّع بنصف ماله، من أجل أخيه المهاجر، فتمكن المهاجرين والأنصار من صناعة نموذج اقتصادي حضاري يُحتذى به، على مستوى المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر والتي صنعت من أمَّة الإسلام حضارة عالمية حكمت العالم لأكثر من ألف عام.
ويعتبر فكرة مشروع الفسيلة، بمثابة المشروع الثاني بعد المشروع الأول، الذي صنعه المهاجرين والأنصار والذي يهدف بالدرجة الأولى، إلى تحويل الفقير والعاطل عن العمل، إلى مالك مشروع في سلسلة متصلة الحلقات، مشروع صغير متوسط كبير متعدد الجنسيات، يبدأ بالنجع والقرية والمدينة والمحافظة والدولة والقارة والقارات.
القاعدة الذهبية لمشروع الفسيلة
ويؤدي مشروع الفسيلة إلى تحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة، في المراحل الثلاثة التي يمر بها، ففي مراحله الأولى يؤدي إلى توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والوظيفة والرعاية الصحية والتعليمية والخدمات الاجتماعية، وفي المرحلة الثانية يؤدي إلى الكفاية الإنتاجية وفي المرحلة الثالثة يؤدي إلى حدوث طفرة اقتصادية تؤدي إلى مجتمع الرفاهية.
وهذه المراحل الثلاثة التكاملية، تحدث في فترة زمنية محدودة، لا تعد على أصابع اليد الواحدة، شريطة توفر عناصر الأمانة والخبرة والإخلاص في العمل المثمر والجاد، الذي يؤدي إلى انطلاقة اقتصادية كبرى في كل المجالات الحياتية.
ومشروع الفسيلة بمثابة رافعة الإنقاذ، التي تنقذ اقتصاد البلاد المتهاوي، ويحميها من الفقر والجوع والحرمان والتخلف، وتمكن الدولة من تقديم أرقى الخدمات لمواطنيها، دون وجود سقف زمني للإنفاق، بعد أن تحوَّل الجميع ترس نشط في عجلة الإنتاج الدائرة بالليل والنهار.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر