(8) مشروع الفسيلة… ودروس من الهجرة
من هنا كان من الواجب العمل السريع والحثيث والدعوة من أجل تجميع الأمة، على المنهج الذي جمعه عليهم محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، وهذا هدف موقع إعجاز بالدرجة الأولى، من أجل تحريرها من عوامل الفقر والجوع والحرمان، وتحرير العامل الفقير من عبودية صاحب العمل وتحويله إلى مالك لمشروعه الخاص به، من خلال منظومة اقتصادية متكاملة غير تنافسية في البيئة من القاعدة إلى القمة.
تُلبي الاحتياجات الحقيقية للمجتمع المحيط بها، وتتحول بمقتضاها كل الإدارات والهيئات والمؤسسات والجامعات والمحافظات والوزارات إلى مؤسسات منتجة، تنتشر فيها من المركز والأطراف، وتضع في خزينة الدولة مئات المليارات والتريليونات من الدولارات، إذا حسنت النيات في وجود نظام يحترم شعبه، ويحمي حقوقه والواجبات.
العمل السريع والحثيث
فهذا الهدف كان وما زال وسيظل هو الهدف الأصيل والاستراتيجي لمشروع الفسيلة، والذي يعتبر الامتداد الطبيعي والتطبيقي العملي للنموذج الأول الحي والفريد من نوعه، والعمل الرائع والفذ والعظيم، الذي ابتدعه وابتكره وحافظ عليه، وخزنه الأنصار في ذاكرة التاريخ، بعد أن ألزموا أنفسهم بذلك تجاه إخوانهم المهاجرين إلى المدينة، والذين يعتبرون بحق وحقيقي هم أصحاب المشروع الأول والنموذج الذي يحتذى به، والذي حول المهاجر الفقير إلى مالك لمشروعه، فقدموه بصدق وإخلاص وشفافية وإيثار لإخوانهم المهاجرين من الرعيل الأول الذي حمل راية الإسلام إلى العالمين.
في وجود العديد من الخطط والبرامج والمشاريع، التي تؤهل الشعب لخدمة نفسه والعمل على حماية مصالحه، فشركة مثل سامسونج الكورية دخلها 350 مليار دولار في السنة وعدد العاملين فيها 50 ألفًا، وشركة مثل أبل الأمريكية تتعدي قيمتها 2 تريليون دولار، تعادل دخل عشرات الدول في السنة الواحدة، وكلها بدأت بمشاريع صغيرة وهكذا.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر