(17) إشراقات… رمضانية
أكد الرسول صلى الله عليه وسلم، عدم الغش في الطعام واعتبر أن المسلم لا يمكن أن يكون غشاش، وحذَّر من أن الغش يخرجه من دائرة الإسلام ما لم يعود سريعًا إليها بعد استقامته وتخلصه من الغش والسرقة إلى غير رجعه.
بل إن الله نهى عن تطفيف الكيل والميزان في سورة المطففين ووعد المخالفين بنار جهنم، ما لم يعودوا عن هذه الصفات الذميمة والعادات القبيحة التي ينقصون فيها الكيل والميزان، إذا باعوا للناس ويزيدوا فيه إذا اشتروا من الناس لأنفسهم وهم لا يعلمون أنهم يغشون أنفسهم قبل غشهم للناس، لأن الله رقيب عليهم، فوعدهم بالويل والثبور وعزائم الأمور في الآخرة، ما لم يتراجعوا عن إفساد الكيل والميزان، فما بالك بمن يفسد الطعام الذي يكال أو يوزن.
ضرورة عدم الغش في الطعام
إنها جريمة كبرى وخيانة عظيمة لله ورسوله، يستحق فاعلها العقاب والقصاص بأشد أنواع العقاب حتى يكون عبرة لغيرة، لأنَّه إذا كسب أموال من هذا العمل غير الإنساني، فإنه يصيب مختلف طبقات المجتمع بالعديد من الأمراض.
وبالتالي يضيع على خزينة الدولة عشرات المليارات ولذلك فهو يحتاج إلى عقاب رادع ومشدد وقوي وفعال، حتى يكون عبرة لغيره فيتم السيطرة على الأمرض ومنعها من الانتشار بين الناس بسبب غش الطعام وفساده.
ومن ثمَّ فإن الغرض من تناول غذاء صحي ومتوازن الحفاظ على صحة الإنسان، حتى يتمكن من خدمة نفسه وأسرته ومجتمعه ويتحوَّل إلى ترس في عجلة الإنتاج، بدلًا من أن يصبح عالة على نفسه وأسرته ومجتمعه.
فيصبح معوق للعمل مبددًا للإنتاج، فتضعف البلاد وتقل الأموال في خزينتها فلا تستطيع أن تقدم أدنى الخدمات، إلا بالاعتماد على المساعدات الخارجية، فتفقد البلاد ذاتها واستقلالها واحترامها لشعبها، فتصبح عبئًا على نفسها وعلى العالم الذي يخرجها من ميزان التقدم والرخاء إلى التخلف والفشل في جميع المجالات.
وهذا فيه إعجاز هائل، ويسأل سائل من الذي منح هذا الطعام كل هذا اللون الخلاب والطعم اللذيذ والرائحة الطيبة والنكهة الجميلة التي تجعل الإنسان يشعر بقيمة الطعام وأهمية الغذاء، أليس هو الله الذي حافظ عليه وحماه من الحشرات وكل الآفات القادرة على تدميره وإذا كان الطعام يسبح بحمد الله ويذكره في كل اللحظات، ألا يحتاج الإنسان أن يكون مثله ولو في الحد الأدنى.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر