(19) مشروع الفسيلة… ودروس من الهجرة
لا يمكن نجاح مشروع الفسيلة أو غيره من المشروعات، إلَّا في توافر عنصري الأمانة والخبرة، بعيدًا عن الواسطة والمحسوبية، في وجود رقابة ذاتية من القائمين على المشروع من داخله أو المراقبين له من الخارج، وفي وجود متابعة دورية ودائمة، تحدد مستوى العمل ودرجة الإنتاج في وجود التطوير الدائم للمنتجات.
وهذا يستدعي وجود ترمومتر لمقياس النجاح من العاملين في المشروع، من جموع الشباب، في وجود الشيوخ والحكماء، الذين يمثلون رمانة الميزان في نجاح المشروع، ولا يكون هناك نجاح لهذه المشاريع، إلا إذا شعر الشباب بالرضا المادي والراحة المعنوية فيما يقدمون من عمل ومعهم الحكماء.
فكلا الفكرين، فكر الشباب من خلال العمل والإنتاج وفكر الحكماء من خلال توجيه دفة العمل، يؤدي إلى إنتاج عإلى الجودة، مع الوضع في الاعتبار أهمية مقاييس الجودة في كل خطوة من الخطوات، فكلاهما يمثلان جناحي طائر، لا يستطيع الطائر أن يطير بجناح واحد، ولكن الجناحين ضرورين لقوة الطيران والاندفاع إلى الأمام.
حاجة الشباب إلى العمل.. نجاح مشروع الفسيلة
وفي مشروع الفسيلة، تجد فيه حاجة الشباب إلى العمل، في وجود الهيكل التنظيمي القادر على تنفيذ الفكرة لتشغيل الشباب، مع توفير كوادر بمختلف التخصصات، في وجود وفرة في الشباب المتعلم المتلهف على وجود فرصة عمل حقيقية، وفي وجود سوق العمل القادر على استيعاب كل هذه الأعداد الوفيرة من الشباب.
وفي وجود حاجة للأسرة لزيادة دخلها، والذي يؤدي إلى الحد من زيادة نسبة الفقر، مع إدخال ثقافة الإنتاج و فكر التنمية وتبادل الأفكار الإنتاجية بين جيل الشباب، في وجود خميرة بين جيل الشباب يمكن تأهيلها، ومساعدتها تنفيذ هذه الفكرة، بحيث ينخرط الجميع في العمل والإنتاج.
وهذا يقضي على وقت الفراغ والشعور بالملل، والوقت الذي يضيع هدرًا بلا مقابل، مع ضغط الحاجة إلى المال، وهذا يفتح أبواب الانحرافات على مصراعيه، من كل حدب وصوب، ويؤدي إلى انتشار تجارة الممنوعات في السلاح والمخدرات وسرقة الآثار، ويتمكن من إدخال ثقافة التطرف والعنف والإرهاب.
وهذا كله يعود بالدرجة الأولى، إلى تخلي الدولة عن دورها في ملء الفراغ الذي يملأ بالأفكار المتطرفة من كل اتجاه، وبدلًا من أن يتحول الفرد إلى ترس في عجلة الإنتاج، يتحول إلى خنجر مسموم في ظهر الدولة، بعد تخليها عن دورها في ملء الفراغ، واستغلال طاقات الشباب الهائلة في العمل والإنتاج.
في غياب الفكر الجسور، الذي يتمكن من تأهيل الشباب، وإدخالهم سوق العمل، تحت جناح الدولة وتوجيهاتها، حتى ينجح المشروع، ويدر دخل على القائمين عليه وعلى الدولة، التي تستخدمه في حل مشاكل الناس، دون فرض مزيد من الضرائب، التي تؤدي إلى توقف العمل والإنتاج.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر