(2) نهر النيل في… الإسلام
من هنا تبرز أهمية الحديث عن نهر النيل وتتبلور أحداثه في معادلة البقاء والفناء الذي يأخذ في طياته وبين جنباته وفي حوضه وماءه العذب من مائه المالح، الأبعاد السبعة فرادى ومجتمعة، محافظ على المساحات بين هذه الأبعاد بالتوازي مع بعضها البعض الآخر.
بل وفيه يتفوق كل بعد على البعد الآخر، إن لم يكن يساويه في المنزلة وفي المكان والمكين والتمكين، لدرجة أنَّك لا تستطيع أن تقدم بُعد واحد من هذه الأبعاد السبعة على البعد الآخر، لقوة تأثيرها وسطوتها ونفوذها وعظم مكانها ومكانتها، في الدنيا والآخرة.
ولكن قبل الاسترسال في الحديث عن نهر النيل وأبعاده السبعة، يجدر الإشارة إلى أنه حديث العلم وفي محتواه وطياته حديث النقل، وفي تفاصيله المستنبطة منه، حوار بين العلم والنقل وجمعهما معًا في المركز وطيهما معًا من الأطراف، حتى يكون حديثًا مركزًا في مركز الدائرة.
معادلة البقاء والفناء.. المياه العذب في نهر النيل
ومن ثمَّ الحديث عن جمع تلابيب نهر النيل، وفي مركزه العقل في القلب والقلب في العقل بمساراته المختلفة، عبر الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة، وجريانه في الشرايين والأوردة، بمحتواه المادي والمعرفي وبعمقه المعنوي والروحي، والذي لا ينفصل عن إطاره المادي في قليل أو كثير.
فحكاية نهر النيل مع مصر، حكاية غريبة الأطوار وعجيبة وفريدة، من نوعها مثل حكايات ألف ليلة وليلة، ولكنها طويلة ومتشعبة وممتدة على طول نهر النيل في الليل والنهار، حكاية يشيب من هولها الولدان، لأنها معادلة بين البقاء أو الفناء، فلا يمكن العيش في الحياة دون جريان نهر النيل في ربوع مصر من جنوبها إلى شمالها الذي يُمثل فيها عنوان للحياة والبقاء.
ولكن هي في الحقيقة والواقع وفي مجملها، من البداية إلى النهاية، حكاية علي بابا والأربعين حرامي، الذين مهدوا الطريق لكل هذه الخطوات الجريئة وتوجيهها الوجهة الصحيحة صوب النهر الخالد في الداخل والخارج، فأصبحوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافهم الماكرة ومآربهم الغادرة، في التمكن من سرقة نهر النيل في العلن والاستيلاء على مائه العذب في الخفاء، بعد أن تمكن الأحفاد من تجنيد الوكلاء على مدار قرن من الزمان.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر