(7) نهر النيل في… الإسلام
كان نهر النيل وما زال وسيظل إن شاء الله تعالى، محط أنظار العالم لدوره في وجود الإنسان على امتداد الكرة الأرضية كما أن له الفضل الكبير على حضارة مصر ومكانتها في العالم، بعد أن خرج الإنسان الحضاري الأول من مصر إلى آسيا وأوروبا، بعد أن شرب من ماء النيل، باعتبار أن مصر أم الدنيا كما سماها نوح عليه السلام.
ولن يستطيع أحد في العالم، منع جريان ماءه في ربوعها من الجنوب إلى شمال، مارًّا بجبالها وأوديتها باعث نهضتها وباعث الحياة في ربوعها وفي كل شبر من أراضيها، فهو هبة من الله سبحانه وتعالى لمصر ومنحة ربانية منه، وحاجة مصر إليه أكثر من حاجة الآخرين على ضفافه.
وبالرغم من الأبواق الإعلامية المتناثرة، التي فقدت الذاكرة في الجغرافيا والتاريخ، في الحديث عن نهر النيل ومكانته في كل مكان، بعد تسطيح الأفكار وتقزيم الواقع التليد، والتي تدعو إلى الخجل وتدعي على عجل أن نهر النيل حكرًا على دول المنبع كما تدعي أنظمتها الحاكمة، فهي بمنطق العلم والدين والجغرافيا والتاريخ والحضارة والبشر، علاقتها محدودة بماء النيل، وليست في حاجة ماسة ولا ضرورية إلى مائه.
أهمية إفريقيا
لكن ضعف الأنظمة السياسية في مصر والسودان على مدار السنوات الطويلة وعدم إدراكها لأهمية إفريقيا بشكل عام وعدم اهتمامها بنهر النيل بشكل خاص وتخليها عن دول الجوار الإفريقي بفعل فاعل بشكل أكثر خصوصية، هو الذي مكن بعض الدول بمساعدة الآخرين، من محاولة الاستئثار بماء النيل وبناء السدود على أنهاره.
وبالرغم من إقرار العلماء حول العالم بفشل السدود المائية في تحقيق أي نهضة تنموية، في كل البلاد المعنية حتى ولو كانت هامشية، وبناء عليه فإن هذه الحقيقة العلمية، حفزت الكثير من الدول على تفكيك هذه السدود، وترك الأنهار في جريانها دون عوائق أو سدود كما خلقها الله حفاظًا على مائها الضروري للحياة.
وحماية للأرض من خطورة التغيرات المناخية، التي بدت ظاهرة وواضحة للعيان في ارتفاع درجة حرارة والحرائق في غابات العالم، عوضًا عن الفيضانات العارمة، التي جعلت السدود على الأنهار واقعة تحت ضغوط الفيضانات مع التوقع من انهيار السدود في أي وقت، فتدمر ما حولها من القرى والمدن، من ثمَّ كان الاعتماد على طاقة الشمس وطاقة الرياح وغيرها من الطاقات النظيفة، دون اللجوء إلى الماء، الذي يعتبر عصب الحياة لسكان العالم، باعتباره أمر ضروري وحيوي في كل أنحاء العالم.
نهر النيل محط أنظار العالم على امتداد الكرة الأرضية
فالسدود على الأنهار في كل بقاع الأرض أثبتت فشلها وليس لها أي دور تنموي حقيقي، وإذا كان لها دور فهو دور ثانوي محدود وهامشي من أجل إلهاء الشعوب الفقيرة في غياب الحكم الرشيد، لكن يبقى الحفاظ على العقل وتنيمة أفكاره في بناء إفريقيا هو الكنز، الذي لا ينضب، لكن الدول المتخلفة لا تفهم أهمية ولا مكانة العقل، في تحقيق نهضة تنموية قوية وسريعة وشاملة ولا تعي مكانته، الأنظمة التي تحكم بالحديد والنار، وإنما تفهمه كل الدول، التي حققت طفرة علمية في مجالات التقدم والتقنية.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر