(33) نهر النيل في… الإسلام
لن يحكم أحد من البشر في ملك الله في الأرض إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى، عادلًا كان أو ظالمًا، حكيمًا ورشيدًا كان أو فاجرًا ومتهورًا ومستبد وطاغية، فاشلًا كان في فكره وتعليمه أو ناجح، يحكم بالشورى والعدل والحكم الرشيد، كان أو يحكم بالاستبداد والظلم والطغيان، لكن النهاية واحدة ومعروفة للجميع في نهاية المطاف.
فينزع الله الحكم من العادل والظالم على حدٍ سواء، فلحظة ترك كرسي السلطة قاسية في كل الأحوال، لأن الطمع في السلطة وشهوتها لا تحدها حدود، بعد أن تحوَّلت إلى مرض مزمن وعضال، سيطر على العقول والقلوب وليس له حدود، وكان للبيولوجيا الدور المحوري في جسمه، مع إفراز المزيد في المخ من الإندروفين، الذي يجعله في سعادة غامرة، منفصل عن الواقع ويكفيه العيش مع نفسه، مع الواقع الذي خلقه لنفسه من الأكاذيب، التي لا إثر له في الوجود، بعد أن اعتبر نفسه ظل الله في أرضه.
لذلك اتفقت كل المؤسسات الدولية على أن الحكم الرشيد هو الحل، كي تخلص الحاكم من كابوس السلطة وأوهامها وتحميه من نفسه والمتحلقين من حوله، وأن وجود الحاكم في السلطة لا يجب أن لا يقل عن أربع سنوات ويجب ألا يزيد عن ثمانية سنوات، لأنه قد أعطى أقصى ما عنده، وسيصاب بالكثير من الفشل والإخفاقات وتطارده اللعنات إذا بقي أكثر من 8 سنوات.
ملك الله في الأرض
وعندها ينزع الحاكم من السلطة بالقوة الجبرية، كأنك تأخذ روحه معه، فإمَّا يذهب إلى السجن فيحاسب على الفساد في حكمه أو تنزع روحه بالقوة من جسده بالموت أو القتل، فيذهب إلى القبر، كي يحاسب على القطمير والنقير والفتيل، فالأمر كله لله.
قال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران: 26.
ولكن المشكلة في مصر والمصريين، أنها كلما تخلصت من فرعون قديم، وقعت في قبضة فرعون جديد، الذي يتم تشكليله من جديد على أيدي المصريين أنفسهم، الذين ثاروا على الفرعون السابق، وهذا أمر عجيب وفريد في الشعب المصري أن يسقط فرعونا، ثم يصنع فرعون آخر، من نفس نسيج الفرعون القديم، إن لم يكن أسوأ منه، مع أن كلاهما قادمين من قاع المجتمع، الذي لن يرحمهما في نهاية المطاف.
لكن من الظاهر أن بقاء الفراعنة في عصر الأسرات وتوارثهم السلطة على مدار ثلاثة آلاف سنة، كان وراء اغتيال وقتل بعضهم البعض الآخر، وكان سبب وجيه في ثورة المصريين عليهم، وحتى بعد انهيار الفراعنة واندثارهم، هدمت وانهارت حضارات ودول بعدهم، والتي لم تدرس السبب المحوري في انهيار الفراعنة، والذي كان يتمحور حول السلطة والمال.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر