(34) نهر النيل في… الإسلام
ظهر هذا واضح وجلي في تربع يوسف ابن يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم عليهم السلام، حفيد إبراهيم عليه السلام على كرسي السلطة باعتباره عزيز مصر، في عصر الدولة الحديثة في عصر إخناتون ملك التوحيد على أصدق الأقوال وخدم مصر والمصريين على مدار مائة عام عاشها في مصر.
ثم هلك يوسف عليه السلام ومات عن عمر يناهز مائة وعشرة سنة عاش منها مائة عام في مصر.
قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) غافر: 34.
يوسف ابن يعقوب
عاش يوسف عليه السلام في مصر في أوج قوتها وعظمتها ومجدها وتقدمها، ولم يعش في عصر الهكسوس كما يدعي البعض، فأنقذها من المجاعة، بأمانته وعلمه وفهمه، ولم يعيش في عصور الفوضي والانحطاط في عصر الانتقال الثاني، من الأسرة الثالثة عشرة حتى الأسرة السابعة عشرة، والتي دخلت مصر فيها في عصر الفوضى ووقعت تحت احتلال حكم الهكسوس.
فالفترة المصرية الانتقالية الثانية، أطلق عليها علماء علم المصريات، عصر الفوضى والاضمحلال الثاني في الأسرات من الأسرة الثالثة عشرة حتى الأسرة السابعة عشرة بين نهاية الدولة المصرية الوسطى القوية، وبداية الدولة المصرية الحديثة القوية، وفي هذه الفترة، حكم مصر ملوك الهكسوس الرعاة، القادمين من الشام وكانت عاصمتهم تقع في مدينة أواريس بشرق الدلتا.
كان حكام الهكسوس خليط من الكنعانيين والآسيويين والبدو، الذين نزحوا من الشام وفلسطين في أوقات المجاعة، وتمكنوا من الانخراط في الأسرة الثانية عشرة، ومن ثمَّ اختراقها، فانتهت على أيديهم، وبعد نهايتها دخلت مصر مرحلة من الضعف والفوضى.
واضح وجلي.. السيطرة على مقاليد السلطة
فتمكن الهكسوس من السيطرة على مقاليد السلطة في مصر السفلى، ثم استولوا على مصر العليا، حتى نهاية الأسرة السابعة عشرة، ثم تمَّ طردهم من مصر بواسطة أحمس الأول، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة في بداية الدولة الحديثة، التي كان لها باع طويل في التقدم والعمران.
لم يكن هناك في مصر، نبي مخلص ولا حاكم مخلص، من طراز يوسف عليه السلام، فمنزلته عند الله عالية، اختاره الله للدعوة إلى الإسلام، وهو ابن يعقوب وحفيد إسحاق وإبراهيم عليهم السلام، ومع ذلك عاش حياته في مصر، ثم مات وهلك ولم يأخذ معه شيء عبرة وعظة، لكل من كان عنده قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر