(14) مصر… في الحج
غرق فرعون وقومه بعصى موسى من فرع شجرة، فهدم فرع شجرة ملك فرعون وجبروته ولكنها كان تمتلك القوة الذاتية، التي منحها الله إياها فهزمت فرعون وقومه وأغرقتهم في قاع البحر الأحمر ونجى موسى وقومه والجميع يعيشون في لحظة ذهول ليس لها مثيل، الفرعون وموسى وقومهما.
فرع شجرة يهدم حضارة قامت وعاشت على مدار أكثر من ثلاثة آلاف عام، ولكنها قدرة الله سبحانه وتعالى، ليس لموسى ولا بني إسرائيل فيها ناقة ولا جمل ولو كانت عصى عادية، لقبض عليهم فرعون وجنودهم وذبحوهم على شاطئ البحر الأحمر، ولكن قوة الله الخالق الخارقة، لا تقف أمامها قوة المخلوق مهما أوتي من علم وقوة.
بطش فرعون وقومه
كان حلم الإنقاذ من فرعون وبطشه، يرواد بني إسرائيل في لحظة الخلاص، التي كانت تطاردهم على مدار اللحظة، عندما همّوا بالهروب من مصر خوفًا من بطش فرعون، بعد أن فعل بهم الأفاعيل فذبح أطفالهم واستحى نساءهم ولكن ظل الخوف يطارهم من لحاق الفرعون بهم، فيفعل فيهم ما فعل في أبنائهم.
لحظة خروج بني إسرائيل من مصر كانت صعبة وعسيرة، مع شعور بالصدمة والذهول، فقد عاشوا فيها أكثر من أربعمائة سنة فتمتعوا بخيرها، وكانت لهم وطنًا ودينًا، وكان منهم عزيز مصر يوسف عليه السلام، ولكن عندما اشتد بهم أذى الفراعنة وظهر لهم المنقذ الذي عرفوا سيرته من قومه وأنه سيكون سبب في إنقاذهم وهلاك فرعون، خرجوا مع موسى عليه السلام وعندهم بصيص من الأمل بالإنقاذ عند الخروج من مصر، بعد الظلم والمعاناة الذين ذاقوه على أيدي الفراعنة.
ومن جهة أخرى كان الفراعنة الذين عاشوا في مصر في رفاهية منقطعة النظير يدركون أن مصر وطنهم وأنهم من نسل مصرايم ابن بنصر ابن حام ابن نوح عليه السلام، وأن وجود بني إسرائيل يُمثِّل عبئًا كبيرًا عليهم، فكانت الملاحقة الفرعونية لبني إسرائيل والتقى الجمعان عند البحر الأحمر، أقرب مكان من منف عاصمة مصر القديمة في ميت رهينة.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم وكان الفيصل فيه هو الإيمان بالله، وهو الشعار الذي رفعة موسى عليه السلام في مواجهة شعار الباطل الذي رفعه الفرعون، فكانت معركة بين الحق والباطل، طرفيها موسى وفرعون.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر