(20) مصر… في الحج
بَعَثَ نهر النيل بمائه العذب وموقفه بين الحق والباطل، رسائل مختصرة لكل من يهمه الأمر من شعوب الأرض وحكامها على مدار الزمن، فيها معنى الحب والسلام والأمن والأمان والطمأنينة، لكل البشر على امتداد الكرة الأرضية، كما حدث مع موسى وحمايته له من بطش فرعون وغضبه، فأرسله الله نبيًّا ورسولًا وأنزل عليه التوراة.
نهر النيل بمائه العذب
وتحمل في طياتها تحذير شديد اللهجة، بأن الدائرة تدور دائمًا وأبدًا على الطغاة والظالمين، وها هو نهر النيل يرسل رسالة مقتضبة، فيها تهديد ووعيد للطاغية فرعون وجيشه، ويؤكد أنه مهما أوتي المخلوق من قوة، فستردعه قوة الخالق وتقضي عليه، فلا مقارنة بينهما، فقوة الله الخالق وأمره نافذ، فكان التابوت الذي يحمل موسى وهو طفل رضيع سببًا مباشرًا في هدم حضارة الفراعنة وكان لعنة من الله عليهم.
البحر الأحمر يرسل رسائل مختصرة للمظلومين
وفي نفس الوقت، بعث البحر الأحمر بمائه المالح، رسالة سلام وطمأنة للمظلومين من موسى وقومه، ولكنه بعث رسائل تهديد ووعيد للظالمين فأشعل على فرعون وهامان حرب شعواء، ومن معه من الطغاة والمستبدين لا قبل لهم بها، مهما طال بهم الزمان، حتى ولو حكموا 3 آلاف عام، فكانت بداية الحرب على فرعون من نهر النيل وجريانه من الجنوب إلى الشمال وكانت نهاية الحرب على فرعون في البحر الأحمر.
قال تعالى: “وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ” (طه: 77- 79).
فنجى الله بني إسرائيل من فرعون، واختار موسى نبيًّا ورسولًا عند جانب الطور الأيمن وأعطاهم الطعام في المن والسلوى، دون عمل أو تعب، قال تعالى: “يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عليكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى” (طه: 80).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، تؤكده آيات القرآن الكريم، أن لكل ظالم نهاية، مهما أوتي من السلطة والثروة ومهما أوتي من فصل الخطاب.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر