(72) مصر… في الحج
معنى هذا أن الحج متعلق بالساعة البيولوجية التي يولد بها الإنسان ويعيد الحج الساعة البيولوجية داخل الإنسان إلى نقطة الصفر، فيعود من الحج دون ذنوب كيوم ولدته أمه، وهذا المعنى له مدلول علمي كبير وعظيم.
فتكوين الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة داخل الرحم، تحتاج إلى مجهود شاق وضخم، يتم فيه تنسيق وترتيب وتجهيز الإنسان بمكوناته المادية والروحية والذي يتكون على أثره إنسان كامل النمو في شكله العام الخارجي وكامل في تكوين جيناته الداخلية.
في وجود تكامل مرتب ومنسق في المكان والمكين والوظيفة والتكوين بشكل منظم ومحكم ومركز، لا يتخلله نقص أو عيب إلا في الاستثناء للعبرة والعظة وإظهار مكامن العظمة في الخلق والتكوين والصور المتتابعة عن مكونات جسم الإنسان وروحه، على مستوى الخلايا والذرات والجسيمات الأولية داخل الذرة الواحدة، التي تبهر من يراها وتعجز العلم والعلماء على أن يأتوا بمثلها في الشكل والتكوين وفي المكان وفي المكين.
الحج متعلق بالساعة البيولوجية
فالإنسان كامل في بنيته المادية، ومكونه النوراني المتمثل في الروح في وجود النفس بكل ما تحويه من عقول وما تحتويه من قلوب على مستوى المخ والقلب والخلايا والذرات والأجسام الأولية، فالعقل في المخ ولكنه منتشر في الجسم على مستوى الحامض النووي، في شخص وزنه مائة كج يحتوي على مائة تريليون خلية، كل خلية فيها عقل وقلب، مما يعني أن هذا الإنسان فيه مائة تريليون عقل ومائة تريليون قلب.
أمَّا على مستوى الخلية الواحدة التي تحتوي على مائة تريليون ذرة، بها مائة تريليون عقل وقلب، وعلى مستوى الجسيمات الأولية التي تتعدى 108 جسيم أولى للذرة في الخلية الواحدة، مما يؤكد أن الإنسان الذي يزن مائة كج فيه عشرة أس 30، قلب وعقل، يعني عشرة وأمامها ثلاثين صفر وهو ما يسمى بالسنيليون.
في وجود المد والمدد اللانهائي في الشكل والتكوين على مستوى الجنين وفي الأنسجة والوضع التشريحي والفسيولوجي والكيماوي والبيولوجي وغيرها من المكونات الظاهرة المعروفة منها القليل والباطنة المجهول منها القليل والكثير، وكل هذا يمكن الإنسان من الخروج من الرحم في أحسن صورة وأفضل تقويم.
ثم يبدأ حياته في أعماره المختلفة وعندما يصل إلى أرذل العمر ينتقل إلى الدار الآخرة، ولكن إذا ذهب للحج تساقطت ذنوبه كيوم ولدته أمه، وهذا يعود إلى مناسك الحج وأركانه التعبدية التي تتم ضد عقارب الساعة، حيث يكون الطواف حول الكعبة المشرفة سبع مرات كل مرة تسقط عشر سنوات إلى أن يعود إلى بداية الساعة البيولوجية التي تبدأ بقدوم الإنسان إلى الدنيا والمتعلقة بالليل والنهار.
الطواف حول الكعبة ضد عقارب الساعة
وكما أن الطواف حول كعبة المشرفة ضد عقارب الساعة، فإن طواف الدم داخل جسم الإنسان يتم ضد عقارب الساعة، وطواف الأرض والكواكب والتي تمثل المجموعة الشمسية حول الشمس عكس عقارب الساعة، وطواف الكواكب والمجرات كلها تدور عكس عقارب الساعة، فهي صيغة تعبدية جعلها الله داخل سائر المخلوقات لها علاقة بالساعة البيولوجية، من الذرات حتى الكواكب والنجوم والمجرات، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”.
وهذا فيها إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن هناك ارتباط وثيق بين الحقائق العلمية التي تتحكم في مسارات عمر الإنسان بالحياة أو الوفاة، بواسطة جزيئات بروتينية يتم إنتاجها بواسطة الحامض النووي اللاجيني، والآيات القرآنية والسنة النبوية، والتي تتقدم فيها الآيات القرآنية والسنة النبوية وتتفوق على الحقائق العلمية.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر