(4) الإسلام… في ميلاد الرسول
الإسلام الذي دعا إليه محمد صلى الله عليه وسلم، دين يدعو ببساطة، إلى الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى ونبوة الرسول ووحدة الرسالة، فكان علامة مميزة للإسلام الذي يضم في طياته وتحت لوائه الإسلام الوظيفي والإسلام العلم، فكان الإسلام ومن هذا المنطلق أمن المسلمون بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام وسائر الأنبياء والمرسلين، ويعلنون صباح مساء الولاء لله، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله جميعًا، لا يفرقون بين أحد منهم.
قال تعالى: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (البقرة: 285).
ولو أعلن من يدعون أنهم أتباع موسى وعيسى عليهما السلام، على غير الحقيقة والواقع، الإيمان بدعوة الإسلام، كما أمن المسلمون بدعوة موسى وعيسى عليهما السلام المنطلقة من الإيمان بوحدانية الله ووحدة الرسالة، لكان هذا معناه استجابة الجميع لدعوة السماء التي بعث الله بها الأخيار من أبناء آدم عليه السلام لهداية البشرية.
علامة مميزة للإسلام
فكانت دعوة آدم عليه السلام، وكانت دعوة أبناءه من بعده، من الأنبياء والمرسلين، الذين اختارهم الله من أجل هداية البشر، إلى الإسلام الوصفي والمتمثل في الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بنبوة ورسالة كل نبي ورسول على حدة إلى قومه، وأتت رسالة الإسلام الجامعة، كي تحول الإسلام الوصفي على لسان الأنبياء والمرسلين، إلى إسلام العلم، فيكون الإسلام وصفًا للأمم السابقة وعلم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وما بين الإسلام الوصفي والإسلام العلم، كانت دعوة الإسلام الذي كان وصفًا على الأنبياء والمرسلين، وكان علمًا في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الله سمي الإسلام الذي جاء به علمًا على أمته بالإسلام، وهذا معناه أن الإسلام جامع للإسلام الوصفي والإسلام العلم.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، في أن يدعو الأنبياء والمرسلين، إلى الإسلام الوصفي، بينما يدعو محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام العلم، وكلاهما الوصفي والعلم، يمثلان دعوة الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر