(24) الاسلام… في ميلاد الرسول
من هذا المنطلق القرآني نجد أن الذين يدعون أن الإسلام استعمر العالم، وأن المسلمين مستعمرين، قول يجافي الحقيقة والواقع وكلمة باطل يُراد بها حق، لأن الحق والحقيقة تقول، إنَّ الأرض كلها لله، وأنها أعلنت ولائها لله، فالمستعمر الحقيقي لها، هو الذي خرج عن إطارالإسلام، ويجب إعادته بالعقل والمنطق إلى الإسلام، وإعادة كل الأرض إلى الإسلام لأن هذا هو الأصل وغيره الاستثناء.
فالمنطق القرآني يقول إن الدين واحد، لأن الله الذي أنزله واحد، وخلق الكون وخلق الإنسان، يؤكدان أن الله واحد، وكل العلم الذي توصل إليه الإنسان في الكون والإنسان، يؤكد أن الله واحد لا شريك له هو الذي خلق كل شيء وأنزل الدين الإسلامي الواحد لهداية البشرية.
وهذا معناه أن كل مظاهر الإسلام، قد بدأت بالدين الواحد، في سلسلة متصلة الحلقات، أولها من آدم عليه السلام أبو البشر ونوح عليه السلام، باعتباره الأب الثاني للبشر ووريث آدم عليه السلام، مرورًا بإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، ووصولًا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، باعتباره خاتم رسالات الإسلام، التي جاء بها الأنبياء قبله.
قال تعالى: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ” (الشورى: 13).
الحق والحقيقة.. تحريف اليهود للتوراة
فاليهود حرَّفوا التوراة التي تدعو إلى الإسلام الواحد، على لسان موسى عليه السلام، والنصارى حرَّفوا والإنجيل الذي يدعو إلى الإسلام الواحد، على لسان عيسى عليه السلام، والكتاب الوحيد الذي سلم من التحريف، وأكد أن الإسلام هو الدين الواحد.
كما قال الله، هو القرآن الكريم الذي تولى الله حفظه، قال تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر: 9).
وهذا المنطلق القرآني، يؤكد أن آدم عليه السلام كان مسلمًا، ونوح عليه السلام كان مسلمًا، وإبراهيم عليه السلام كان مسلمًا وكل أنبياء اليهود، إسحاق ويعقوب والأسباط وداوود وسليمان وزكريا ويحيى وموسى عليهم السلام كانوا مسلمين، ونبي النصاري عيسى عليه السلام كان مسلم، معنى هذا أن جغرافية الأرض ملك للإسلام وهو دين الله الذي ارتضاه لعباده.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، أن يُعلن جميع الأنبياء والمرسلين، إيمانهم بالإسلام الواحد، الذي يُمثل رسالة رب العالمين إلى البشرية جمعاء.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر