(1) الإسراء والمعراج… معجزة إلهية
الحديث عن رحلة الإسراء والمعراج في مضمونها، فيها معانٍ ظاهرة قليلة ومعانٍ خفيّة كثيرة، وهي رحلة تؤكد مدى الكرامة التي حازها الإنسان عند ربه، فعرفه بالعقل والعلم قبل القلب والعاطفة.
وهو ما عزَّز من هذه المكانة وتلك المنزلة وإلَّا ما قام بهذه الرحلة بشر ينتمي إلى البشرية في شخص محمد صلى الله عليه وسلم، وبصفته خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مصداقًا لقوله تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الإسراء: 70).
ورحلة الإسراء والمعراج تُعطي الكثير من اللمحات الإيمانية، عن مكانة البشر عند الله سبحانه وتعالى بشكلٍ عام ومكانة ومنزلة محمد صلى الله عليه وسلم بشكلٍ خاص، فكانت رحلة بشرية خاصة بمواصفات الملأ الأعلى وكونها رحلة بشرية فهذا معناه حضور الجسد والذي يمثل (0.01 %)، والروح التي تمثل (99.99%) إذا عايرتها ماديًّا بالجسد.
الحديث عن رحلة الإسراء والمعراج.. أحد أهم 3 أحداث في تاريخ الإسلام
وتبرز أهمية هذه الرحلة ومكانتها في الإسلام، باعتبارها أحد أهم ثلاثة أحداث بارزة حدثت في تاريخ الإسلام بعد البعثة وقبل الهجرة والإشارة إلى أهمية الإسراء والمعراج في حياة الإنسانية بشكل عام والإسلام بشكل خاص، هي المضامين التي احتوتها هذه الرحلة المباركة.
والتي تؤكد في محتواها أنها رحلة بشرية إلى الملأ الأعلى بمواصفات ومستويات الملأ الأعلى، في وجود جبريل عليه السلام والبراق سفينة الملأ الأعلى بما تحمله هذه الكلمة من معاني كثيرة ومضامين عميقة.
فالسفر عبر الملأ الأعلى بواسطة البراق، حدث في غياب الزمان وانعدام المكان، لأنَّه لا يوجد في الملأ الأعلى زمان ولا مكان ولكن أنوار الرحمن الشاغلة للزمان والمكان ومن هذا المنطلق كانت رحلة المعراج إلى الملأ الأعلى.
وكأنّ رحلة الإسراء والمعراج في عمومية الإسراء وخصوصية المعراج، رد فعل من الملأ الأعلى على رحلة جبريل عليه السلام من الملأ الأعلى إلى الأرض على مدار ثلاثة وعشرون سنة نزل فيها القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم.
فكانت دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الاعلى من صاحب الدعوة الله سبحانه وتعالى وجبريل عليه السلام حامل هذه الدعوة، ردًا على قيام جبريل عليه السلام برحلته إلى الأرض ونزول القرآن الكريم لهداية البشرية إلى طاعة الله سبحانه وتعالى، فكانت رحلة الإسراء والمعراج رحلة متفردة في معناها ورحلة متفردة في مغزاها أن يدعو الله سبحانه وتعالى بشر من أبناء آدم عليه السلام لزيارة الملأ الأعلى.
حجر الزوايا بين الروح والجسد
فالإسراء والمعراج في الحقيقة والواقع يُمثِّل حجر الزوايا في العلاقة بين الروح والجسد، فالإسراء رحلة بالجسد في الأرض التي خلق منها.
وفي نفس الوقت فالمعراج رحلة الروح إلى السماء التي أتت منها ودون الروح والجسد يتبخر الإنسان ويصبح خبر كان في عالم النسيان، فإذا كان هناك إسراء بالروح والجسد في حياة الإنسان العادية على مدار اللحظة، فما بالك بإسراء ومعراج محمد صلى الله عليه وسلم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر