(51) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
بالرغم من كل التطلعات التي تسعى إلى استعمار الفضاء فإن الغموض الذي يحيط بالكون ويلفه، ويغطي الجزء الأعظم منه، يتمثل في وجود الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، فلا يعرف أحد حتى 2020، القوى التي تمسكها ولا طبيعتها ولا قدرتها، ولا كيفية التحكم فيه، وهي قوى صلبة وقوية، في جميع مراحل تكوين الكون المنظور وفي أكوان الفقاعات.
تمثل الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، سر من أسرار خلق الكون، ولغز كبير من الغاز الكون الكثيرة التي حيرت العلماء، والتي تعد مؤشرًا على جهل الإنسان، وعدم معرفته بالأساس الذي بني عليه الكون، وشيد دون أعمدة نراها، ولا عدم قدرته على كيفية استيعاب تماسك السماء والأرض، بالرغم من أن السماء بناء في الهواء، والأرض كرة تسبح في الفضاء.
تطلعات استعمار الفضاء
ولكن هناك إشارات قرآنية، تؤكد أن الله يمسك السماوات والأرض أن تزول وتمنعها من الاختفاء، ولا أحد غيره يستطيع فعل ذلك، وقد يكون ذلك له علاقة بوجود هذه الطاقة والمادة المظلمة والخفية، الماسكة للسماوات والأرض، والتي لم يتوصل العلم الحديث إلى طبيعتها، وقدرتها على جعل السماوات والأرض متماسكة بهذا الشكل المعجز، والتي يقف وراءها بالطبع، قوة وقدرة الله، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا” (فاطر: 41).
كما تؤكد الآيات القرآنية أن قدرة الله، هي التي خلقت وسخرت كل هذه الكائنات الموجودة في الحياة، وأنه سبحانه يمسك السماء ويمنعها من السقوط على الأرض إلا بإذنه، وقد يكون هذا عائد إلى طبيعة هذه المواد الأولية التي خلق منها الكون، والتي تجعله قائم ودائم بقدرته سبحانه وتعالى.
قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ” (الحج: 65).
بناء الكون وهدمه قائم بأمر الله وخاضعًا لمشيئته
وهذا يؤكد أن بناء الكون وهدمه قائم بأمر الله وخاضعًا لمشيئته، كما نراه قائم دون عمد، والذي فعل ذلك قادرًا على إخراج الإنسان وبعثه من قبره بعد الموت لحسابه على عمله، ويبدو أن كل هذه إشارة إلى المادة الأولية التي خلق منها.
قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ” (الروم: 25).
والسماوات والأرض مرفوعة، دون عمد كما يراها الإنسان وهي دليل على كمال القدرة لله سبحانه وتعالى، حتى دون رافع يرفعها أو ماسك يمسكها.
قال تعالى: “اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ” (الرعد: 2).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم تظهر للبشر قدرتهم العلمية المحدودة، وتظهر قدرة الله اللا محدودة في هذا الآيات القرآنية، والتي تعتبر أقوى دليل من الحقائق العلمية البشرية، وأظهر حجة وبرهان، للعلماء على أن العلم الإلهي يقف خلف بناء الكون وتماسكه والحفاظ عليه وعلى وجوده.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر