(21) مصر… في الحج
في نهر النيل والبحر الأحمر، كانت الرحمة لموسى والنقمة لفرعون فنجى الله موسى وقومه، فهل صدق بني إسرائيل مع الله، كما صدق الله معهم بالكثير من الآيات والمعجزات التي هزمت عدوهم، أم أنهم ذهبوا مذهب الفراعنة في الظلم والطغيان على مدار 3 آلاف عام بعد غرق فرعون وقومه ونجاة موسى وبني إسرائيل.
وما الذي فعله بني إسرائيل مع موسى وهارون عليهما السلام، إنه أسوأ مما فعله الفراعنة معهم، فعادوا إلى عبادة الأصنام، بعد خروجهم من البحر مباشرة، بعدما شاهدوا معجزة انفلاق البحر أمام أعينهم والتي لم يمر عليها لحظات، بل ولم تجف أيديهم من الماء ولا آثار أقدامهم.
الرحمة لموسى والنقمة لفرعون في نهر النيل والبحر الأحمر
وبعد نجاتهم من فرعون وغرق فرعون أمام أعينهم وأثناء خروجهم من البحر رأوا أناس يعبدون الأصنام، فطلبوا من موسى أن يجعل لهم صنمًا يتخذونه إلهًا، ويعبدونه من دون الله، كما يفعل هؤلاء، قال تعالى: “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ” (الأعراف: 138).
وهذا أمر غريب وعجيب، أن ينكر بني إسرائيل، نعمة الله عليهم بعد أن أنجاهم من فرعون وجنوده، فقد كانوا قاب قوسين أو أدنى من لحاق جيش الفرعون، وكانوا يدركون لا محالة أنهم هالكون وأن الفرعون لن يرحمهم أو يتسامح معهم هذه المرة وسيذبحهم على شاطئه، ولكن حدث انفلاق البحر.
تلك المعجزة الكبرى، والآية العظمي التي ليس لها مثيل في التاريخ، فكانت نجاة موسى وبني إسرائيل وهلاك الفرعون وقومه ومع ذلك، وبالرغم من كل ذلك يعودون سريعًا إلى عبادة الأصنام.
البداية الأولى لانحراف بني إسرائيل
فكانت هذه البداية الأولى لانحراف بني إسرائيل عن عبادة الله وفي اللحظة الأولى بعد النجاة، وأول إشارة منهم تؤكد أنهم بشر غير أسوياء ومن هذه اللحظة، ظهر لؤم بني إسرائيل على حقيقته وخبثهم وخداعهم لله ورسوليه موسى وهارون عليهما السلام، ومن هذه اللحظة وحتى الآن يمارسون نفس الدور الذي مارسوه مع موسى، ولكن في غياب موسى، ووجود الله الذي ينكرون وجوده، فكان منهم الملحدين والكافرين والمشركين والمنافقين.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالوثنية والشرك لاحقت بني إسرائيل بعد نجاتهم وعادوا كما كانوا في بلاد الفراعنة يعشقون عبادة الأصنام، والتي امتدت إلى عبادة الدنيا، وفي مركزها المال، فأصبحوا أنبياء المال في عالم اليوم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر