(1) الإسلام… في ميلاد الرسول
إن الحرب الدائرة على أشدها الآن، في الإسلام وعلى الإسلام، في ميلاد رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فيما بينه وخصومه من الغرب بكل أديانه وعقائده وملله ونحله وأتباعهم في الشرق الإسلامي، لها جذور تاريخية وخلفيات عقائدية وأحقاد دنيوية، تتعلق بحيازة السلطة والثروة والخيانة وضياع حقوق المسلمين في الدفاع عن أنفسهم، وحماية معتقداتهم والزود عن مقدساتهم، التي يتطاول علىها كل من هب ودب حول العالم، وكان الإسلام وسيظل حائط الصد.
ولم تكن السهام لتنطلق دفعة واحدة أو بالتدريج وتدور السخرية على أعظم إنسان في الوجود، جادت به الإنسانية، واختاره الله ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم، إلَّا لأن المسلمين تخلوا عن حقيقة دينهم في العقيدة والعبادة والمعاملة، فأصبحوا مسار للسخرية من شذاذ الأفاق وبقايا البشر، الذين لا يستحقون أن ينتسبوا إلى الإنسانية بميزان العدل الإلهي.
ميلاد رسول الإسلام محمد
وإذا بهذه السهام الطائشة المأجورة والمنحرفة، والتي تفتقد إلى الكرامة الإنسانية، وتنتقص من كل قيمة شريفة لها علاقة بالإنسانية، وتخفي كل معنى جميل له علاقة بالحياة، تجتمع في صعيد واحد وتنطلق نحو هدف واحد، وهو القرآن الكريم، في شخص محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نزل عليه القرآن الكريم، باعتباره الكتاب الصحيح الوحيد على الأرض.
فهم لن يستطيعوا مواجهة القرآن وجهًا لوجهًا، بعد أن خسروا كل المواجهات ضده وبعد أن فشلوا في مواجهته على مدار أكثر من ألف وأربعمائة سنة، فأعيتهم الحيل في التطاول عليه والإقلال من قيمته وشأنه، ولما لا فهو وحي السماء، الذي ينطق في كلماته بالوحي الإلهي، ويحمل في طياته المعاني الإنسانية الكاملة، فيمسح عن جبين البشرية، كل ما لحق بها من خزي وعار وذل وانحراف مادي ومعنوي على جميع الأصعدة .
ويسعى إلى تنظيف العالم من المخلفات البشرية، ومن القاذورات الإنسانية التي طالت البشر، على مدار تاريخهم الملوث بالخزي والعار، منذ مقتل هابيل على يد قابيل، باعتبارهم خلفاء الله في الأرض، وهو في ذلك الوقت يمثل نموذج الكتاب، الذي لم يطاله التحريف ولا التبديل، بالإزالة أو الإضافة، بعد أن تعهد الله بحفظه في اللوح المحفوظ بشكل عام، وحفظ في أحرفه وكلماته وآياته بشكل خاص.
مخالفة الغرب لحرية العقيدة
فكان الصراخ في الغرب، الذي يتحدث عن حرية المعتقد، وكان العويل الذي يتحدث عن حرية التعبير، والتي لا أثر له ولا وجود في أجندة الغرب العلماني الذي استعمر العالم الإسلامي ونهب خيراته على مدار عشرات القرون، مع أتباعه في الشرق في كل ما يخص الإسلام والمسلمين، بعد أن انخدع الجميع بحيل العلمانية وألاعيبها البهلوانية.
فإذ ببهلوان فرنسا الأول، والذي سودت صحيفة أعماله بكل أنواع الانحرافات الأخلاقية والشذوذ الجنسي، كما يقول عنه شعبه في كل وسائل التواصل الاجتماعي، يتحدث علانية ودون خوف ولا وجل، من الحساب الذي يجب أن يطاله، ومن العقاب الذي يجب أن يناله، بل وبتشجيع من الطابور الخامس، عن سب وقذف رسول الإسلام، ويصر على نشر الرسوم المسيئة، ليس في الصحف والمجلات فحسب، بل وفي الميادين العامة وعلى أوجه العمارات في كل المدن الفرنسية، دون أن يهتم بشعور أكثر من اثنين مليار مسلم، يدافعون عن نبيهم بحياتهم وأنفسهم.
ومع ذلك وبالرغم من كل ذلك يتهم المسلمين بالتطرف، فما الذي يصنعه ماكرون رئيس فرنسا هو وأمثاله، إذا قام المسلمون بنشر صوره المسيئة وانحرافاته الأخلاقية والجنسية، باسم حرية التعبير، في كل مواقع التواصل الاجتماعي على امتداد الكرة الأرضية، وفي الصحف والمجلات، وفي الميادين وعلى أوجه العمارات، مثلما يفعل مع رسول الإسلام.
لم يكن الهجوم المركز من أعداء الإسلام، في المركز والأطراف هدفه بالدرجة الأولى السخرية من رسول الإسلام، وإنما كان الهدف هو الإسلام ذاته ورسالته السمحه، وفي قلبه ومركز دائرته، والمستهدف من كل ذلك هو القرآن الكريم، الذي حافظ على قوة الدفع الذاتية التي يتميز بها الإسلام وترهب أعدائه.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالقرآن الكريم وحي السماء، يتردد صداه في أركان الأرض الأربعة، وكأنه يتنزل الآن غضًا طريًا، رغم بسط الغرب قوته وبطشه الغرب على كل شيء في العالم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر