(73) الإسلام… في ميلاد الرسول
إذا كانت الأعمدة السبعة في الخلافة والأسماء والكلمات والبعث والفناء والإسراء والمعراج، تلعب دورًا محوريًّا في بقاء الكون وما فيه من مخلوقات، ودون هذه الأعمدة ينهار الكون ويختفي في لحظات، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
فإنَّ القيم والأخلاق الإنسانية، تلعب دورًا أساسيًّا ومحوريًّا، في تدعيم بناء الكون ووجوده، من خلال بناء الأمم والشعوب، والتي تُمثل باب أساسي في تقويم السلوك الإنساني وتهذيب الأخلاق في إطار الإسلام، ومن هذا المنطلق وضعها الإسلام في أولى أولوياته، فرفع من شأنها وأعلى من قدرها، ودعا إلى التمسك بها وأمر بالحافظ عليها وجعلها منهج الحياة.
دعوة الإسلام إلى العناية بالأخلاق
ودعا الإسلام إلى العناية بالأخلاق والنهوض بها والالتزام بقوانينها قلبًا وقالبًا، فهي تُمثل قيمة إنسانية عظيمة ومكانة رفيعة في حياة الناس، وفي نفس الوقت تُعتبر الأساس الذي تُبنى عليه الحضارات وعنوان لتقدم الأمم والشعوب، فكانت ظاهرة في الإسلام وواضحة، في العقيدة والعبادة والمعاملات بين الناس.
فالتحلي بالأخلاق الحسنة والطيبة والبعد عن الرذيلة والأفعال الشريرة، ترفع من شأن الفرد في المجتمع وتقوي من دعائم وجوده، وهذا يؤدي إلى تقدم المجتمع في كل المجالات، ويؤدي إلى مجتمع الرفاهية ويرفع من مستوى الصدق والأمانة في نطاق الحرية والعدالة، والشفافية والمساواة والرقابة، وكل هذا يصب في مصلحة المجتمع ورفعة شأنه.
بقاء الكون والأعمدة السبعة في الخلافة
وأمَّا تعاظم الأخلاق السيئة بين أفراد المجتمع، فإنها تؤدي إلى شيوع السرقة والكذب والخيانة والغش والتزوير وشهادة الزور والخداع والاحتيال واللؤم والخبث والنفاق، وهذا كله يؤدي حتمًا إلى انحراف المجتمع عن الأخلاق الحميدة وضياعه، ويؤدي إلى تدميره وهلاكه وانهياره بعد انهيار منظومة القيم والأخلاق.
فالهدف والغاية من بعث محمد صلى الله عليه وسلم، دعوة الناس إلى الصدق والأمانة وحب الخير للناس، فكان نموذج أخلاقي راقي وعظيم، إلى الحد الذي دعاه قومه من قريش في شبابه وصباه وقبل الرسالة بالصادق الأمين.
إشادة قرآنية بخُلُق محمد صلى الله عليه وسلم
وأشاد الله سبحانه وتعالى، بخُلُق محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم، فقد كان خُلُقه القرآن، وكان قرآنًا يمشي على الأرض في كل أحواله وفي كل أقواله وأفعاله وفي كل حركة من حركات حياته، قال تعالى: “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ” (القلم: 4).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، سباق في الحديث عن القيم والأخلاق الإنسانية وقيم وأخلاق الجاهلية، وقيم وأخلاق الإسلام، التي تمثل ذروة القيم والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها الإنسان المسلم، سليم العقل نظيف القلب عفيف اللسان، قال صلى الله عليه وسلم، في معرض حديثه عن الأخلاق: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالرسول صلى الله عليه وسلم، لم يأتِ كي يهدم الأخلاق التي بناها الأنبياء والمرسلين السابقين، إنَّما كي يكملها بمكارم الأخلاق، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطارالإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر