خلق الملائكة

الملائكة خلق من خلق الله سبحانه وتعالى خلقهم، من نور، وهم  خلق مبهم ومجهول، وغير معروف  للإنسان، لأنهم غيب، وهم مسيرون بأمره سبحانه وتعالى، لايأكلون ولا يشربون ولا يلبسون ولا ينامون ولا يتناسلون، فلا شهوة لهم.

وهم لا يملون ولا يتعبون من طاعة ربهم، فجميعهم طائعون مستسلمون لأمره سبحانه وتعالى، فلا يعصون الله في أي أمر من الأمور، وأنهم يملكون من القوة والشكيمة وعظم الخلقة، ما لا يمكن أن يخطر علي قلب ولا عقل بشر، وأعدادهم وعدتهم وأشكالهم وألوانهم وأحجامهم، وأفعالهم وأعمالهم وأسرارهم، وطريقة معيشتهم، لا يعلمها سوي خالقهم الله سبحانه وتعالى.

وهم مكلفون من قبله سبحانه وتعالى، لتنفيذ أوامره، في الخلق والنشأة والهداية والفناء لكل المخلوقات، والرقابة الدائمة لكل شئ في الدوائر الثلاثة الخاصة بالإنسان بوجه عام، في ما قبل الخلق وفي الخلق وبعد الخلق، والدوائر الثلاثة الخاصة، بالإنسان المسلم بوجه خاص، في العقيدة والعبادة والمعاملات، بشكل معجز لايمكن لبشر إدراكه أو معرفة طبيعته، فهم معجزة كبري، من معجزات خلقه سبحانه وتعالى.

ولكن السؤال المحوري المتعلق بخلق الملائكة، بهذا الشكل المعجز والمبهر، يطرح نفسه، هل خلقت الملائكة من الماء، الذي خلق منه العرش والكرسي والقلم واللوح المحفوظ وسدرة المنتهي ؟ فالجواب واضح وصريح نعم خلقت من ذرات الماء النوراني مثلها مثل بقية المخلوقات في الدائرة الأولي.

وهذا معناة أن إعجاز خلق الملائكة، من نورانية الماء، له نفس المكانة والمنزلة، بالنسبة لمخلوقات الله سبحانه وتعالى النورانية في الدائرة الأولي، وخلقهم علي هذا النحو المعجز، يدل دلالة قطعية، علي عظمة الله سبحانه وتعالى في خلق وتشكيل وتلوين هذه الكائنات  الملائكية من نورانية الماء.

ومن هنا نجد أن الملائكة، لها دورالرقابة الذاتية والدائمة للإنسان علي كل اقواله وافعاله، والتي يتم تسجيلها بالصوت والصورة والفديو، بالرغم من أنهم غيب عن الإنسان ، فلا يراهم الإنسان في حياته، وهذا هو مكمن الخطورة، فوجودهم يتخطى عمر الإنسان الزماني الذي يعيشه، وسعة المكان الذي يعرفه الإنسان عن الكون ويشغله، ولا يعلم عظم خلقهم  إلا الله سبحانه وتعالى، وقد ورد الشيء الكثير، في عظم خلق الملائكة بشكل عام، وحملة العرش بشكل خاص.

والإسلام الذي يجب أن نعرفه، يؤكدعلي القدرات الفائقة التي تتميز بها الملائكة، عن غيرهم من المخلوقات، فهم يتشكلون في صورة بشر، وهو ما أكد عليه القرءان الكريم، مع إبراهيم ولوط عليهما السلام، ومع مريم إبنة عمران، وفي السنة الصحيحة مع محمد صلى الله عليه وسلم، في صورة الصحابي داحية الكلبي أوفي صورة إعرابي، وهم منظمون ومرتبون ويتراصون في صفوف، ويتميزون بالسرعة في الإستجابة لأوامر الله سبحانه وتعالى، فطاقاتهم فوق طاقات ومعارف البشر، وهم مسيرون لا خيار لهم في الحياة التي يعيشونها بالطريقة التي خلقهم الله سبحانه وتعالى عليهم.

والإسلام الذي يجب أن نعرفه، يؤكدعلي أنه إذا كان لكل ملك وظيفة في خلق الإنسان والكون، فإن جسم الإنسان الضئيل، الذي لا يتجاوز وزنه مائة كيلو جرام، يحتوي علي مائة ترليون خلية كل خلية تقوم بعمل وصناعة وإنتاج ملايين ومليارات البروتينات، في لحظات وعلي مدي حياتها، تحت إمرة ملك أو ملائكة مسئولة عنها.

ومثلها مثل الرقابة علي الكون، فالمجرة الواحدة في الكون المنظور الذي يحتوي علي ترليون مجرة، تحتوي علي ترليون كوب ونجم، تحت إمرة ملك أو ملائكة مسئولة عنها، فما بالك بعدد وتعداد الملائكة الذين يحجون إلي البيت المعمور في السماء السابعة في كل ليلة، والذي ورد أن عددهم يقدر بسبعون ألف ملك  ولا يعودون إليه إلي يوم القيامة.

وقد ورد عن الرسول صلي الله عليه وسلم عن عدد الملائكة الذين يجرون النار ويسحبونها يوم القيامة، بحوالي خمسة مليار ملك  ( 4,900,000,000 )، فما بالك بعدد ملائكة خزنة النارالقائمين علي أمرها في  كل شأن من شئونها ، حيث  قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  ” يؤتى بجهنم يوم القيامة يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ” صحيح مسلم.

والأمر الذي فيه إعجاز عظيم، أن الديكة وهي الكائنات الوحيدة من الطيور، هم الذين يتمتعون برؤية الملائكة، والتي تمثل درجة من درجات الأشعة البنفسجية، والتي يتمكن هذا النوع من الطيور من رؤيتها، فإذا أذن الديك فكأنما رأي ملك.

ومن الملائكة المعروفين والذين ذكروا في القرءان الكريم:-

• جبريل:

أمين الوحي وأمين السماء، عظيم الشأن، من الملائكة الكبار، الشداد، وله مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وهو الذي ينزل بالوحي على الرسل والأنبياء، له ستمائة جناح، كل جناحين يغطيان الأفق كما جاء في الحديث، أي حجم الجناحين لجبريل يساويان كون  بسمواته السبع وأرضيه السبع، وقد ورد إسم جبريل عليه السلام،  في الكثير من الأيات القرءانية والأحاديث النبوية، خاصة نزوله بالوحي علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فال تعالى: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (البقرة/  97).

وورد في شأن خلق جبريل عليه السلام، أن السيدة عائشة رضي الله عنها:  سألت النبي عن الآية  الثالثة والعشرين من سورة التكوير: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)، والآية الثالثة عشر والرابعة عشر والخامسة عشر من سورة النجم: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى• عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى • عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى)،  فقال ” إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين. رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض” صحيح مسلم.

مما يعني أن حجم جناحي جبريل عليه السلام يساوي، حجم الكون الذي نراه، وإذا كان جبريل عليه السلام له ستمائة جناح، فإن هذا معناه  أن حجم اجنحة جبريل عليه السلام تساوي حجم ثلثمائة كون من الكون الذي نراه، هذا غير الرأس والعنق والجسم، والعلم عند الله سبحانه وتعالى، فعن عبد الله بن مسعود أنه قال ” رأى محمد صلي الله عليه وسلم جبريل له ستمائة جناح ” صحيح البخاري.

وهذا فيه إعجاز عظيم، أن يكون الملك المكلف من قبل الله سبحانه وتعالى بحمل رسالاته الي الأنبياء والمرسلين من البشر، بهذا الحجم، ويقابل بشر لا يتعدي وزنه مائة كيلوا جرام، فكيف يلتقي الضدين الإ إذا كان أصلهم واحد، وهذا يبرز لنا عظمة الخالق سبحانه وتعالى، وفي نفس الوقت يؤكد علي المنزلة الكبيرة التي يحظي بها الإنسان المكرم، عند خالقه الله سبحانه وتعالى

2-ميكائيل:

وهو الملك الموكل بانزال الماء، والمطر، اللازم لحياة الإنسان والحيوان والنبات، وغيرها من سائر المخلوقات،  ولانبات النباتات والزروع الثمار، والماء والنبات، يعتبران عنصرين أساسين، لوجود الحياة، ويخلق الله سبحانه وتعالى، منهما الأرزاق في الدنيا، وبدونهمما لا وجود للحياة، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه، فيصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الله سبحانه وتعالى، قال تعالي: (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ) البقرة 98.

وهذا فيه إعجاز عظيم، فلولا الماء ما خلق الكون ولا خلق الإنسان، ولا خلقت معه سائر المخلوقات، التي تدير الكون بشكل متقن وذاتي.

3-عزرائيل:

ملك الموت، وهو المكلف مع أعوانه من الملائكة،  بقيض أرواح البشر، وقد ورد ذكره في الكثير من الأيات القرءانية، ومنها قوله تعالي بشكل مباشر عن قبض الأرواح بواسطة ملك الموت، قال تعالي: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة 11

وهذا فيه إعجاز عظيم، فهذا الملك العظيم، مكلف من قبل الله سبحانه وتعالى، بقبض أرواح البشر، علي إمتدا الحياة الدنيا منذ خلق أدم عليه السلام إلي إخر إنسان قبل يوم القيامة، فهذا مجهود ضخم يقوم به ملك الموت، لإنهاء حيات البشر ، في سائر الأعمار، وفي طول الزمان وعرض المكان، وفي مختلف البلدان علي إمتداد الكرة الأرضية، فلا يملكه زمان ولايحده مكان، فهو يملك الزمان والمكان بأمر الله سبحانه وتعالى، منذ خلق الإنسان والي قيام الساعة،ويقبض ملايين الأرواح من البشرمختلف الأعمار، وفي لحظة واحدة علي إمتداد الكرة الأرضية.

4-إسرافيل:

وهو ملك عظيم الشأن،وعظيم الخلق، وهو مكلف من قبل الله سبحانه وتعالى بالنفخ الصور، لإنهاء حياة البشر في الدنيا، وهو من علامات إنهاء حياة في الكون الذي نعيش فيه، وإيذانا إنهيار كل شئ، وهو وأحد من حملة العرش،.

والنفخ يتم هو بالنفخ في الصور أو النفخ في القرن أو النفخ في البوق، بأمر الله سبحانه وتعالى،  ثلاث نفخات إعلانا منه ببدء إرهاصات يوم القيامة، وهذه النفخات الثلاثة، تتمثل في نفخة الفزع، ثم نفخة الصعق، ثم نفخة البعث، قال تعالي: (ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ  ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) الزمر 68

وهذا فيه إعجاز عظيم، فهذا الملك العظيم، المكلف من قبل الله سبحانه وتعالى، بالنفخ في الصور، إيذانا ببعث  عشرات المليارات من البشر، من قبورهم، بعد الموت، وعودة الإنسان الأصلي والحقيقي والذي يخرج من قبره، يحمل مواصفات الإنسان الحقيقي في خلاياه وأنسجته وأعضاءه وأجهزته الممتدة دون حدود للزمان والمكان، ويحمل في طياته الشباب الدائم الذي لا يفني.

5-ملائكة الجنة:

للجنة ملك مكلف من قبل الله سبحانه وتعالى، وله أعوان كثر، والذي يجهزون له الجنة ويعدوها بنعيمها للمؤمنين، قال تعالي: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) هود 108

وهذا فيه إعجاز فريد يتخطي كل درجات الإعجاز، في كل المخلوقات، لإن الإنسان يعيش في الجنة مع الله سبحانهوتعالى، ويتمتع بالنظر الي وجهه الكريم، وفي نفس الوقت يتمتع بكل المتع التي خلقها الله سيحانه وتعالى في الجنة ، فكل مافي الجنة، متع حقيقة أصلية، تختلف عن متع الحياة الدنيا والتي خلقت بأسباب الله سبحانه وتعالى،  وتعتبر نموذج من نماذج،  متع الأخرة الحقيقية والأصلية، والتي لها علاقة  بكل شيئ له علاقة باللباس والطعام والشراب والجنس وغيرها من المتع الدائمة، التي خلقها الله سيحانه وتعالى بنفسه.

6- ملائكة النار:

يعتبر خازن مالك النار، ومعه أعوانه الذين يجهزون النار ليعذب بها العاصين، من المنافقين والمشركين والملحدين والكافرين قال تعالي: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ  قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ ) الزخرف 77

وهذا فيه إعجاز يضاهي إعجاز الجنة، لإن الذين تعدوا علي حدود الله سبحانه وتعالى، في الدنيا، وظلمو ونافقو واشركو والحدوا وكفروا، لن يفلتوا من عقاب الله سبحانه وتعالى في الأخرة، مما يعني أن ميزان العدل هو الحاكم في الأخرة.

7-رقيب وعتيد:

ويعتبررقيب وعتيد من الملائكة المسئولة عن الرقابة الذاتية  لإعمال الإنسان، في الدنيا، والتي تقوم بتسجيل كل تصرفاته علي مدار اللحظة، بالصوت والصورة والفديوا، ومعهما كل وسائل الرقابة الذاتية الأخري في الإنسان علي مستوي الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة،  وكذلك كل شئ في الكون،  قال تعالي: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق 18

وهذا فيه إعجاز كبير، لإن الإنسان عليه أن يعلم أنه مراقب من قبل الأجهزة الرقابية الإلهية علي مداراللحظة، وهذه الأجهزة الرقابية الإلهية تختلف بشكل جذري، عن الرقابة الذاتية للإنسان علي الإنسان من خلال الأجهزة الرقابية البشرية، فلا يوجد فيها واسطة ولا محسوبية، ولا دفع رشوة أو شراء شهود الزور، إنما العملية الرقابية من قبل رقيب وعديد، محكمة بشكل تقني إلهي، لا تجعل الإنسان المخالف لأمر الله سبحانه وتعالى يفلت من العقاب مهما كانت سلطته الدنيوية ومهما ملك من مال.

8-ومنكر ونكير:

ويعتبر منكر ونكير، هما الملكان الموكلان بحساب الإنسان في قبره بعد تركه الدنيا، فيثبت الله المؤمن ويضل الكافر، عند سؤالهما للميت عن الله سبحانه وتعالى، وعن رسوله صلي الله عليه وسلم،  وكل ميت سيتعرض لحساب منكر ونكير، الذين لا يعرفانه ولا يعرفهما، ومن هنا أخذا هذ الأسم، قال تعالي: ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ )  ابراهيم 27

وهذا فيه إعجاز يؤكد علي المتابعة الدورية للإنسان، في الدنيا، وبعد الموت، مما يدل علي تواصل الرقابة الذاتية، والتي تقدم في نهاية المطاف، كشف حساب عن أعمال الميت في الدنيا، الي منكر ونكير، حتي يعلم كل أنسان، أن حياته ومماته مراقبة من قبل ملائكة متخصصين، في المتابعة والتمحيص لإعمال الإنسان المسجلة عليه.

9-ملائكة حملة العرش:

وهم الذين يحملون العرش، والمسبحين لله والمستغفرين للمؤمنين، قال تعالي: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) غافر 7

وهذا فيه إعجاز عظيم، لمكانة العرش عند الله سبحانه وتعالى ، ومكانة ملائكة حملة العرش عنده  سبحانه وتعالى، ثم عظمة خلقهم، والتي تميزهم عن غيرهم من الملائكة، وإبراز وظيفتهم الحقيقة في التسبيح بحمد الله سبحانه وتعالى وإعلان الإيمان والولاء له سبحانه علي مدار اللحظة المتعلقة بمهام الدائرة الأولي، والإستغفار الدائم للذين ءامنوا، والحدبث عن سعة رحمة الله سبحانه وتعالى، وسعة علمه، ثم دعوة صادقة منهم، بالغفران للذين تابوا عن المعاصي، واتبعو أمر الله سبحانه وتعالى، ويقرن كل ذلك بالوقاية من عذاب جهنم.

10-الملائكة جنود:

فهم جنود الله سبحانه وتعالى، لنصرة رسله والمؤمنين، قوله تعالى ( بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ) ال عمران 125

وهذا فيه إعجاز كبير، معناه أن الله سبحانه وتعالى يرسل جنودا من الملائكة،  للحرب مع المؤمنين بالله سبحانه، حتي يمكن  المؤمنين من النصر علي أعدائهم، مهما كان عددهم وعدتهم.

11-الملائكة الحفظة:

وهم الذين يحفظون الإنسان في حياته وشاهدين علي أعماله، قال تعالي: ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ • كِرَاماً كَاتِبِينَ• يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) الإنفطار 10-12

وهذا فيه إعجاز لإن الملائكة الحفظة، لا يحفظون الإنسان، من مصاعب الحياة وأهوالها، وإنما يسجلون عليه كل شئ، يقوم به.

12-ملائكة الشفاعة:

الذين يشفعون للبشر بأمر الله سبحانه وتعالى وإذنه، قال تعالي: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ) النجم 26

وهذا فيه إعجاز يؤكد علي علوا مكانة الشفعاء، الذين يشفعون للبشر عند الله سبحانه وتعالى، سواء كانوا من البشر أو من الملائكة، وهذا يعتمد بالدرجة الأولي أذنه سبحانه وتعالى ورضاءه عن هذه الشفاعة.

13- الملائكة العابدون:

وهم الملائكة الذين، يعمرون السموات السبع، بالعبادة الدائمة لله سبحانه وتعالى،  ليلاً، ونهارا، فمنهم القائم الي يوم القيامة، ومنهم الراكع الي قيام الساعة، ومنهم الساجد الي قيام الساعة، ومنهم الذاكرون الذين لا يفترون، ولا يتهاونون في عبادة الله سبحانه وتعالى،  قال تعالى: ( وله من في السماوات والأرض، ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) الأنبياء: 19-20، ويقول  صلى الله عليه وسلم: ” أني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء، أي صوتت وحجت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد. لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الطرق الصعدات تجأرون إلى الله” أي تتضرعون ”

وهذا فيه إعجاز عظيم، يؤكد علي دوام الطاعة والعبادة لله سبحانه وتعالى، في السموات والأرض
، من كل المخلوقات، والممتثلة لإمره سبحانه وتعالى، وعلي الإنسان أن يكون علي شاكلة هذه الملائكة.

14-ملائكة البيت المعمور:

يتعاقبون جماعات، إلى البيت المعمور، يزوره كل يوم سبعون ألفا ملك بالطواف والصلاة، ولا يعودون إليه أبدا، يتناوب بعدهم آخرون يوما بيوم إلى يوم القيامة  لا يعودون إليه،ثم تعقبهم جماعات أخرى غيرهم.

وهذا فيه إعجاز عظيم ، يؤكد علي سعة البيت المعمور، الموجود في السماء السابعة ، وعلي عظم شأنه، مع دوام الطاعة لله سبحانه وتعالى، بواسطة ملائكة البيت المعمور.

15-الملا ئكة المبشرين:

وهم الملائكة المبشرين للأنبياء والمرسلين، كما بشروا إبراهيم عليه السلام، وزوجته سارة بإسحاق عليه السلام ، وبشروا مريم عليها السلام، بعيسي عليه السلام، وبشروا زكريا عليه السلام، بيحي عليه السلام، وبشروا لوط بالنجاة من قومه وهكذا، قال تعالي: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ ) الصافات 112.

وهذا في حد ذاته فيه إعجاز عظيم، حيث انجب ابراهيم عليه السلام إسحاق عليه السلام، بدون وجود الأسباب اللازمة للإنجاب، وحملت مريم عليها السلام بدون زواج، وإنجاب زكريا عليه السلام يحي عليه السلام، بدون وجود الأسباب اللازمة للإنجاب.

16- ملائكة التعاقب:

ملائكة يتعاقبون علي الناس بالليل والنهار، ويجتمعون بالمساجد في صلاة العصر وصلاة الفجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون. رواه البخاري.

وهذا فيه إعجاز عظيم، يؤكد علي دوام المتابعة الدورية، من الملائكة،  للإنسان المؤمن، في الصلاة خاصة في صلاة العصر وصلاة الفجر، مما يؤكد علي مكانة هاتين الصلاتين، إحداهما جهرية في صلاة الفجر، والأخري خفية في صلاة العصر.

17- ملائكة الأرواح:

وهي الملائكة التي تسل أرواح المؤمنين برفق وتسبق بها إلى الجنة، وملائكة تنزع أرواح الكفار عند الموت بشدة، قال تعالى:(والنازعات غرقا، فالسابقات سبقا، فالمدبرات أمرا)النازعات:1- 5.

وهذا فيه إعجاز عظيم، حيث تخرج روح المؤمن كالنسيم ، لا يشعر بها، بينما تنزع روح الكافر بشدة، نزعا شديد رغم عن أنفه ، فيعرف المؤمن أن مصيره بعد خروجه روحه الي الجنة، بينما الكافر يعلم أن مصيره الي النار.

18-ملائكة الأرزاق:

وهي الملائكة المسئولة عن تقسم الأرزاق وتوزيعها بين البشر، بأمر الله سبحانه وتعالى،  كما في قوله تعالى: ( فالمقسمات أمرا) الذاريات:4

وهذا فيه إعجاز كبير، يؤكد علي أن الرزق مقدر، وأن ملائكة الأرزاق توزع هذا الرزق، علي البشر بأمر الله سبحانه وتعالى، وأن كل إنسان لا يملكزيادة رزقه أو إنقاصة، لإنها كلها امور مقدره، مما يعنيأن الإنسان لا يملك من أمره شئ.

19-الملائكة الصافات:

وهي الملائكة التي تصف أجنحتها، في السماء تنتظر، ما يأمرها به الله سبحانه وتعالى من عمل  تقوم به، كما في قوله تعالى: (والصافات صفا)الصافات:1.

وهذا فيه إعجاز يؤكد علي أن غيب هذه الملائكة، لا يعني إنها غير موجود، بل يؤكد علي  مشاركتها بشكل فعال في إستتباب الأمن والسلام في الكون للحفاظ علي وجود الإنسان.

20-الملائكة الزاجرات:

وهي الملائكة التي تسوق السحاب، والمكلفة بإنزال المطر، لإحياء الأ رض بعد موتها، كما في قوله تعالى: ( فالزاجرات زجرا) الصافات:2.

وهذا فيه إعجاز عظيم، يؤكد علي المتابعة الدائمة للملائكة، لكي تقوم بالوظائف الموكولة بها، والمنوظة بحملها، ولولا هذه الملائكة ماوجد ماء ولا حياة علي الأرض.

21- ملائكة الجمعة:

وملائكة الجمعة، تؤكد علي مكانة هذه الصلاة عند الله سبحانه وتعالى، وضرورة الحفاظ عليها، مهما كانت الأسباب والمسببات، قال صلى الله عليه وسلم:” إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يسمعون الذكر”

وهذا فيه إعجاز عظيم، يؤكد علي ضرورة الحفاظ علي صلاة الجمعة، لما لها من منزلة عظيمة، ومكانة عالية عند الله سبحانه وتعالى، وضرورة الذهاب الي هذه الصلاة مبكرا، والدليل علي مكانة الجمعة عند الله سبحانه وتعالى، أنها الصلاة الوحيدة، التي نزلت سورة بإسمها في القرءان الكريموهي سورة الجمعة.

22-ملائكة العلم:

وهم ملائكة العلم اللدني، والقائمين علي أمر العلم وأهله، كما في قوله تعالى: ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك، أنزله بعلمه والملائكة يشهدون، وكفى بالله شهيدا)النساء 166.

وهذا فيه إعجاز عظيم، يؤكدعلي مكانة العلم والعلماء، عند الله سبحانه وتعالى.

23-الملائكة المستغفرون:

وهم من الملائكة الذين يستغفرون لمن في الأرض عامة من بشر مؤمن وكافر، وحيوان، قال تعالى: ( تكاد السموات يتفطرن من فوقهن، والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض، ألا إن الله هو الغفور الرحيم) الشورى6.

وهذا فيه إعجاز عظيم،لإن رحمة الله سبحانه وتعالى، شملت المؤمن والكافر.

24-ملائكة الرحمة:

تتنزل ملائكة الرحمة، على المؤمنين الموحدين عند الموت وتطمئنهم ألا يخافوا من الموت وما بعده، ويبشرونهم بالجنة التي وعدهم الله بها، قال تعالى: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون) فصلت30.

وهذا فيه إعجاز عظيم، يؤكد علي عظم الرحمة وسعة الفضل، التي يمنحها الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، والتي تطال عباده المؤمنين قبل مغادرتهم الدنيا، فتمنحهم الخروج الأمن من الدنيا الي الأخرة، بلا خوف ولاحزن، وتبشرهم بالجنة التي يسعون إليها في دنياهم بكل إيمان وأستسلام لإوامر الله سبحانه وتعالى.

 

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر