(12) ميلاد عيسى… الحقيقة والواقع
وبعد البشارة بعيسى عليه السلام وحمله وولادته والتي لم تستغرق سوى دقيقتين، حملته أمه مريم عليها السلام إلى بني إسرائيل، فتكلم في المهد ونطق بالحق وعمره لا يتجاوز دقيقتين وكانت المقابلة بين عيسى عليه السلام وبني إسرائيل لم تتجاوز دقيقتين وثلاث ثواني كما ورد في سورة مريم، في الآيات الاثنى عشر من 27-38، والتي تحتوي على 163 كلمة، كل كلمة لا تستغرق سوى ثانية واحدة في قراءتها.
وهذا ما أكدته الآيات القرآنية، قال تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ■ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ■ فَأَشَارَتْ إليه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ■ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ■ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ■ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ■ وَالسَّلامُ على يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ■ ذَلِكَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ■ مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ■ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ■ فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ■ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ إلىوْمَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (مريم/ 27-38).
وفي هذه المقابلة، التي حدثت بين عيسى عليه السلام وبني إسرائيل لخص فيها عيسى عليه السلام رسالته في نصف دقيقة وثانيتين، وأول ما نطق به عيسى عليه السلام، هو إعلان العبودية والولاء لله سبحانه وتعالى الواحد الأحد الفرد الصمد، فقال “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ”.
بني إسرائيل وميلاد عيسى
ثم تحدث عن الإنجيل الذي نزل به مع ولادته فقال (آتَانِيَ الْكِتَابَ)، فكان كلام عيسى عليه السلام إنجيل ثم تحدث عن نبوته، فقال (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)، ثم تحدث عن بركته ووصاية الله سبحانه وتعالى له بالصلاة والزكاة (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا).
وفي هذا الموقف العصيب وتلك المواجهة الخطيرة التي حدثت بين مريم عليها السلام وقومها لم ينسَ عيسى عليه السلام والدته مريم عليها السلام، بل امتدحها وأثنى عليها وعلى تحملها أذى قومها وصبرها على كل المشاق والمتاعب والمصاعب الجمة التي تعرضت لها.
فكان بارًا بها محسنًا إليها ومدافعًا عنها وعن إظهار براءتها من كل التهم التي وجهت إليها، من قومها أثناء حملها دون زوج وبشكل غير طبيعي وكان هو السبب في كل ذلك، فقال (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي)، فعلت الدهشة وجوه القوم من بني إسرائيل وظهرت براءة مريم فانشرح صدرها وحمدت الله على نعمته بأن برأها ابنها وهو في المهد.
ثم أكد بعد ذلك أنه ليس جبارًا شقيًّا وأكد أن مولده كان سلام وموته سوف يكون سلام وبعثه بعد الموت سوف يكون سلام ولم يدعي أنه إله أو ابن إله، بل هو بشر مثل غيره من البشر، ولد بشكل استثنائي قال (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ■ وَالسَّلامُ على يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات