(7) الإسلام… والقبلتين
كانت القبلة الأولى التي كان يتوجه إليها المسلمون في صلاتهم بيت المقدس وكانت القبلة الثانية التي ما زال وسيظل يتوجه إليها المسلمون في صلاتهم جهة البيت الحرام وكلاهما في المسجد الأقصى بالقدس الشريف والمسجد الحرام بمكة المكرمة.
والمسجدين والقبلتين، يبرزان أهمية الصلاة في الإسلام، والتي ذكرها القرآن الكريم في الكثير من آياته وحثَّ على الحفاظ عليها وتأديتها في أوقاتها إلى درجة أن الله سبحانه وتعالى استدعي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الأعلى، كي يفرض عليه الصلاة لما لها من أهمية قصوى في الإسلام.
وأكدت ذلك السنة النبوية التي حددت عدد الفروض وعدد الركعات في كل فرض، تأكيد من الله سبحانه وتعالى على أن محمد صلى الله عليه وسلم جزء لا يتجزأ من التشريع، مصداقًا لقوله تعالى: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الحشر: 7).
وبناءً عليه فإنَّ الذي يُنكر السنة النبوية يُنكر القران الكريم، لأن كلاهما وحي من الله سبحانه وتعالى، ولكن القرآن الكريم كلام الله بلفظه ومعناه والسنة وحي من الله إلى رسوله بلفظه ومعناه وكلاهما ذكر من الله سبحانه وتعالى مصداقًا لقوله: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر: 9).
كما أن الصلاة فيها أركان الإسلام الخمسة وهي توجيه صادق وأمين، لما يجب أن تكون عليه العقيدة والمعاملات، لأن الصدق في أداء العبادات، ينطبق على الصدق في العقيدة والمعاملات، ومن هنا كانت أهمية المسجدين والقبلتين، قال تعالى: “اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ” (العنكبوت: 45).
فأهمية الحفاظ على الصلاة والاطمئنان فيها، له الدور الكبير في إعلاء من شأن ومكانة المسجدين والقبلتين وأن على المصلى المحافظة على الصلاة وأدائها في أوقاتها وعلى أكمل وجه في الركوع والسجود والقيام مع سكون الجوارح وعدم التعجل في القيام، تعزيز لمكانة المسجدين والقبلتين في الإسلام، وفي نفس الوقت تكون ناهية له عن ارتكاب الفحشاء والمنكر.
وكانت الصلاة الإبراهيمية إيضاحًا لهذا المعنى وتتويجًا لهذا الجمع بين المسجدين والقبلتين، وتأكيدًا على مكانة المسجدين والقبلتين في الإسلام، فكانت تُمثل الدعاء في التشهد وفي التحيات في كل صلاة “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صلىت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد” متفق عليه.
وهذا تأكيد آخر على جمع القيادة والريادة وتسليم ميراث إبرهيم عليه السلام، باعتباره أبو الأنبياء ونيابة عن إسماعيل وإسحاق عليهما السلام وأبنائهم وأحفادهم وانتقالها إلى حوزة الإسلام في شخص محمد صلى الله عليه وسلم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد