(25) قيم… رمضانية
إذا كان هذا الانضباط الذي يسري على جميع المخلوقات لقوامة المنهج عليها وقبولها به فإن الإنسان هو الوحيد الذي شذَّ عن هذه القاعدة، وبالتالي فكل شيء يتدخل فيه بعيدًا عن المنهج يفسده ويفسد به حياته ويسرع من وتيرة فساد الكون بفعل الاستخدام الأسوأ لكل ما يُفيده من وسائل يصلح بها حاله، دون أن يدرك المخاطر المترتبة على ذلك ولا يتمكن من مراجعة نفسه إلا بعد أن يرى الآثار السلبية ظاهرة أمامه فيحاول إصلاحها فلا يجد إلى ذلك سبيل.
بل إن عظمة الله تتبدى في خلق الإنسان من عدم وإمداده من عدم وبعث فيه الحياة وتمكينه من التكاثر والنمو المضطرد في حياته على مستوى جزيئاته، ومع ذلك لا ندرك كيفية نمو هذه الأجزاء المختلفة بالرغم من مرور كل واحد منا بأطوار مختلفة من جنين في بطن أمه إلى شيخ عجوز وبالرغم من عدم ملاحظتنا هذا النمو نجد أن الإنسان يتحوَّل بسرعة فائقة وحكمة متقنة ومعبرة عن عظمة الخالق سبحانه وتعالى من طور إلى طور آخر.
أما كل ما يصنعه الإنسان في حياته، فقد خلقه من موجود مقدر وفي نفس الوقت لا يمر بمراحل النمو المختلفة، ولا يتكاثر إلى ذكر وأنثى كالكوب مثلا أو وسائل الانتقال المختلفة من سيارة وقطار وغيرها، مما يعني أن قدرات الإنسان محدودة وبالرغم من ذلك يحترم الله وجود الإنسان وعمله في الحياة ويجازيه في الدنيا أو الآخرة.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الخامسة والعشرون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا من خلال الدائرة الأولى في حياة المسلم والمنبثقة عن العقيدة النقية التي تبنى عليها كل أسس التشريع وعلى رأسها أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش لحظة في الحياة دون الاعتماد على ربه الذي خلقه من عدم وأمده من عدم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر