(37) قيم… رمضانية
فلا يظلم حاكم محكوم ولا يظلم مسئول شخص آخر مسئول عنه ولا يجور إنسان على آخر فيظلمه ولا يظلم رجل زوجته وأولاده ولا تظلم أسرة أسرة أخرى من جيرانها في الشارع أو الحي ولا يعتدي قوي على ضعيف ولا شاب على طفل أو صبي أو فتى أو مراهق أو بالغ والعكس صحيح ولا مكان فيه لظلم كهل أو شيخ أو صغير ولا يعتدي غني على فقير ولا إدارة أو مؤسسة أو هيئة أو وزارة سيادية كانت أو غير ذلك على الأخرى بعد أن ساد العدل بين الناس، فأصبح إقامته والحفاظ عليه قيمة إنسانية عالية وعقيدة إسلامية راقية راسخة تنعكس إيجابًا على عبادات المسلم ومعاملاته، حتى أصبح العدل والعدالة في الإسلام، ميزان وخط أحمر لا يجوز لأحد أن يتجاوزه مهما كانت منزلته ومهما علا شأنه ومكانته.
فالعدل كفتي ميزان تنهضان بالأمم والشعوب وبغيرهما يخرج الإنسان من طور إنسانيته ويحكم نفسه بشريعة الغاب، فيؤدي إلى فشله في حياته وهلاكه ونقض بنيان المجتمع وانهياره وانتشار الفشل والفساد في ربوعه وفي كل خطوة يخطوها وغيره في هذا المجتمع الذي ظلم أهله وناسه فأصبح الظلم هو الأصل وغيره الاستثناء ولذلك لم يكن غريبًا أن يشدد الإسلام على أهمية إقامة العدالة ونشر العدل بين الناس.
ومن ثمَّ كانت الحرية هي الأداة القوية التي تشحذ همم الناس وتدفع بأفكارهم من الضيق إلى السعة بمعناها الواسع التي تتسع الجميع من أجل تنويع رؤى وأحلام الناس والذي يترتب عليها ظهور علامات النبوغ المبكر فتدفعه إلى الخروج من جسده الترابي والدخول في معالم روحه النورانية، فتمكنه من التفكير بحرية وإبداع وتدفع به إلى تجميع كل قواه في أحلامه من أجل الوصول إلى الهدف المرجو في تحقيق ذاته والوصول بها إلى أعلى مراحل النقاء والشفافية.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة السابعة والثلاثون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا في أن الحرية هي التي تؤدي إلى التفكير والإبداع والابتكار شريطة أن تكون مربوطة بقيم وأخلاق الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد