(42) قيم… رمضانية
الهدف الحقيقي عن رمضان وقيمه هو السعي الجاد والمثمر في إعادة بناء هذه الأمة وتوحيدها على قواعد سليمة وأسس قويمة راسخة أساسها العلم والإيمان اللذين يُمثلان الدور المحوري على منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة، دون تعصب أو تطرف في الفكر والرأي بل وسطية واعتدال.
فمنهج القرآن الكريم ومنهج النبوة، يُمثل النور والنبراس في قيادة الأمة ومكوناتها إلى الأمام والذهاب بها إلى بر الأمان، لأن صلاح الأمة والعودة بها إلى جادة الصواب لن يكون إلا بتبني هذا المنهج القويم الذي به تنهض الأمة وتقوم مرة أخرى من جديد.
ورمضان قدم كل وسائل الإيضاح من أجل وصول هذه الأمة إلى مبتغاها وتحقيق مرادها وتحويل كل أحلامها إلى واقع حقيقي على أرض الواقع، فتأتي الثقة بالله أولًا ثم الثقة بالنفس ثانيًّا ثم في توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والوظيفة والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية ثم الكفاية والرفاهية في سيادة الحرية والعدالة والصدق والأمانة والشفافية والمساواة والمراقبة، فهن بمثابة الطريق والمنهاج لتحويل كل هذه الأحلام إلى واقع شاهد على عظمة الإسلام في إدارة كل مجال من مجالات على العلم والإيمان.
الهدف الحقيقي عن رمضان
فإعادة بناء الأمة ونهضتها يعتمد على وجود سواعد رجال فتية قوية وعقول واعية فولاذية وقلوب ضابطة للعواطف ومنفتحة على الآخر، تسعى إلى احتواء الجميع دون إقصاء وتعمل بجد وإخلاص في تحقيق آمال الأمة في التقدم والازدهار، بما ينعكس إيجابًا على مختلف طبقات المجتمع وكل مكوناتها البشرية وكل شرائحها التنموية فتعيش حرة أبيَّة عزيزة بدينها كريمة بتكريم ربها لها.
فالوسطية عنوان الإسلام والاعتدال أصله وجوهره في ظاهره وباطنه والتنمية الذاتية قاطرة الإنتاج التي تعبر بها الأمة كل الصعاب التي تعترض طريقها كي تحل مشاكلها الاقتصادية، فتتمكن من امتلاك الإرادة الحرة لشعوبه، لأنها هي التي تمكنها من تحقيق ذاتها في كل شأن من شئون حياتها.
أمَّا التطرف فلا مكان له فيها وأما التعصب فهو دخيل عليها بالرغم من المتاعب الجمة والشدائد الملمة والصعوبات المهولة التي تعترض طريق حياة الأمة ويتعرض لها شعوبها على مدى قرون، فالدماء مسالة أنهارًا من شرايين وأوردة أبنائها من قبل تواطؤ أعدائها ومواليهم ومعهم متطرفيها الذين يدعون أنهم من أبنائها، فالجميع تآمر عليها من أجل عرض الحياة الدنيا الزائل ومن أجل نهب ثرواتها وسرقة عقول أبنائها ونهب مقدراتها ومنع دينها الوسطي المعتدل من الوصول إلى العالمين حقدًا وكراهية على قيمه السامية وأخلاقه الرفيعة ومبادئه الرصينة وقواعده الرزينة وعقيدته الراسخة وشريعته الغراء.
من أجل طمس الحقيقة ومنعها من الوصول إلى مستحقيها في أركان الأرض الأربعة ومن هنا نجد أن صناعة الأمة وإعادتها من جديد، لن يحدث إلَّا من خلال إنتاج حضاري مبهر يمكنها من استعادة الثقة بنفسها بمكونها الحضاري ويؤهلها من الاعتماد على ذاتها في تحقيق التقدم والرفاهية لكل شعوبها جميعًا على حد سواء ودون أي استثناء.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الثانية والأربعون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا، فالوسطية عنوان الإسلام والاعتدال أصله وجوهره والتنمية الذاتية هي قاطرته في الإنتاج.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر