(52) قيم… رمضانية
لن نتمكن من إعادة بناء هذه الأمة إلا من خلال إعادة بناء الفرد المؤهل على أسس جديدة ماديًّا ومعنويًّا، تجعله فرد نافع لنفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه وأمته من خلال قيم وأخلاق الإسلام التي تمكنه من القيام بواجباته على أكمل وجه.
لأن الفرد المؤهل هو ركيزة للعمل والإنتاج ويتحمل عبء التنمية من الألف إلى الياء وبه تقوم الأمم وتنهض الشعوب وتتقدم إلى الأمام خطوات وثابة في مضمار التقدم والعمران، ليس له حساب بأعمار الناس.
أما الفرد غير المؤهل في أي مجال من مجالات الحياة، فسيكون كارثة على نفسه وأسرته ووطنه وأمته التي ينتمي إليها، لأنه سيكون سببًا في تخلفها في كل مجال وهذا يؤدي إلى شيوع البطالة والفقر والجوع والحرمان في وجود الفساد الذي لا يجد له قلب حميم سوى في الجهل والأمية والشخصنة وحب الذات.
فما بالك إذا كان هذا الفرد يمثل فكر القادة والزعماء حتمًا سيؤدي إلى ضياع البلاد وإفقار العباد وسيبيع بلده في المزاد العام ولو كان بثمن بخس دراهم معدودات، لأنه لا يستطيع إدراك أهمية وجود مقدرات للأمة بعد أن فقد الأهلية فسيطر على تصرفاته الجهل والأمية.
ومن هنا نجد أن الأمة التي تريد أن تنهض من جديد وتبني نفسها على قواعد سليمة تعتمد بالدرجة الأولى على سواعد أبنائها من خلال ذاتها، يجب عليها أن تعد أبنائها إعداد يتناسب مع الوظيفة المناطة بهم ماديًّا ومعنويًّا.
ضرورة بناء الفرد المؤهل على أسس جديدة ماديًّا ومعنويًّا
فالفرد يجب أن يؤهل ماديًّا حتى يكون قادرًا على العمل والعطاء من خلال توفير أدنى متطلبات الحياة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية ودفعه إلى الكفاية الإنتاجية والتي تنتهي به في نهاية المطاف إلى قدر كبير من الرفاهية.
كما أنه يجب أن يؤهل معنويًّا من خلال توفير قدر كبير من الحرية والعدل والصدق والأمانة والشفافية والمساواة والرقابة وهذا يؤدي بهذا الفرد إلى إتقان العمل والدفع به قدمًا إلى التقدم والتقنية.
ومن هنا نجد أنه من الأهمية بمكان تأهيل الفرد ماديًّا ومعنويًّا، حتى يكون قادر على العمل والعطاء ومستعد للتضحية، بوقته وماله من أجل تقدم بلده في كل مجال، لأن هذا التقدم والرخاء سيعود عليه بمزيد من الهدوء والاطمئنان والحفاظ عليه وعلى أسرته ماديًّا ومعنويًّا.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الثانية الخمسون والتي يجب علينا أن نتعلمها، من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا، والتي تتعاطي مع بناء الفرد على قيم وأخلاق الإسلام الذي يعتبر حجر الأساس في بناء الأمم وتشييد الحضارات.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر