(57) قيم… رمضانية
تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية لا يتم إلا من خلال إتقان العمل من خلال بؤر علمية منتشرة في كل التخصصات، في وجود مراقبة واعية لله ورسوله والمؤمنين وفي وجود الضمير الحي ومراجعة النفس في الأوقات، ويتبع هذا زيادة في الإنتاج وهذا كفيل بتحويل العمل والإنتاج إلى أموال تملأ خزينة الدولة عن آخرها وتساهم في حل مشاكل المجتمع، إذا حسنت النيات، مصداقا لقوله تعالى: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (التوبة: 105)، وقوله صلى الله عليه وسلم: “إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ” رواه البيهقي.
ولا يمكن تحقيق هذه التنمية المستدامة، في ظل وجود بطالة عارمة بين مختلف الأعمار خاصة في سن العمل والإنتاج وفي غياب آلية واضحة للعمل والإنتاج في الإدارة والهيئة والمؤسسة وفي زيادة هائلة لمنحنى الفساد، الذي يؤدي إلى فشل كل القطاعات الاقتصادية في كل المؤسسات.
كيفية تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة
وعليه فإن التنمية الاقتصادية المستدامة يجب أن تعتمد على إعداد دورات تدريبية مكثفة لتغطية الاحتياجات الحقيقية على أرض الواقع والتي نتمكن من خلال إعداد هذه الدورات من تأهيل الشعب المصري من أجل الدخول في مجالات العمل والإنتاج من أوسع الأبواب كل في مجال تخصصه حتى يتمكن من إتقان عمله ويوظفه في خدمة الناس.
ومن خلال هذه الآلية الواضحة تتحوَّل كل الإدارات والهيئات والمؤسسات والوزارات في مختلف البلاد إلى مراكز حقيقية وجادة للعمل والإنتاج، وعلى إثرها تتحول كل هذه الإدارات والهيئات والمؤسسات إلى مراكز إنتاج وبدلًا من أن تظل مؤسسات مستهلكة تمثل عبئًا كبيرًا على خزينة الدولة، تتحول إلى مؤسسات منتجة تغطي احتياجاتها واحتياجات العاملين فيها دون أن تصبح عبء حقيقي على الدولة في المرتبات والمستهلكات.
ولا مانع من أن يتم هذا التحويل التنموي كل حسب طبيعة عمله، بشكل متدرج بحيث تتمكن كل هيئة وإدارة ومؤسسة ووزارة، من تغطية نفقاتها واحتياجاتها من الاستهلاك والمرتبات، بحيث يمكن أن تتم هذه العمليات التنموية على مدار أربع سنوات، حيث تغطي كل عام ربع احتياجاتها في الحد الأدنى.
وبعد أن تتمكن هذه المؤسسات من كفاية نفسها، يمكن أن تدر دخلًا فائضًا يعود إلى ميزانية الدولة، وبدلًا من أن تعطي الدولة وتدفع أموال لهذه المؤسسات، تتمكن تلك المؤسسات، إذا تم إدارتها بشكل مهني وسليم ومخلص، في وجود الإنسان المضحي بوقته، نظيف اليد عفيف اللسان يمكن أن نحقق اكتفاء ذاتي في وقت قصير لا يتعدى أربع سنوات.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة السابعة والخمسون والتي يجب علينا أن نتعلمها، من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا بأن العلم والمعرفة يمثل رئة الاقتصاد.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات