(6) إشرقات… رمضانية
طغيان الترابي على النوراني يورث المعصية والوصول إلى المستوى المتدني للشيطان، بكل أعماله الخبيثة والخسيسة وتصرفاته الشيطانية التي تقلل من قيمة الإنسان وتحقر من شأنه ومستواه وتورثه الأنانية والشخصنة وحب الذات دون النظر إلى مصلحة الآخر حتى ولو كان أخ له في الإنسانية وتصل به إلى الهلاك في الدنيا والآخرة.
ولهذا كان التحذير الدائم من الله، والتنبيه على عداوة الشيطان للإنسان وعدم الوقوع في حبائلة، فهي خط أحمر لا يجب الاقتراب منه.
وفي نفس الوقت فإن استعلاء النوراني على الترابي هو الذي يجلب الخير للإنسان ويصل به إلى مستوى الملائكة فيتخلص من أدران الأرض وترابها فيصبح شفاف في حياته وعلاقاته مع الآخر فيطغى فيه عنصر الخير على عنصر الشر ويضمن النجاة من الدنيا والفوز بنعيم الآخرة.
وكلما تساوى الترابي مع النوراني ولو بشكل نسبي، أصبح الإنسان عنصرًا فاعلًا في مجتمعه فلا هو ترابي شرير بالكلية ولا هو نوراني خير بالكلية فمرة يكون شريرًا إذا مال إلى أصله الترابي ومرة أخرى يصبح خيرًا إذا مال إلى أصله النوراني.
ومن هنا كانت حقيقة رسالة الأنبياء والمرسلين، التي يجب أن يعيها الإنسان على مدار الزمان منذ آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم هي في تهذيب أخلاق البشر والارتقاء بالسلوك الإنساني من المستوى الترابي إلى المستوى الملائكي وتغليب العنصر النوراني فيهم، على العنصر الترابي.
وهذا في حد ذاته إعجاز عظيم عندما يريد الله سبحانه وتعالى من خليفته في الأرض، الاستعلاء على أصله التربي ليس احتقارًا له ولا التقليل من قيمته وشأنه وإنما ليرفع من قدرته ومكانته ودرجته إلى المستوى الملائكي بالرغم من إنسانيته.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر