(29) إشراقات… رمضانية
وبناءً على كل الذي فات، فإن الله وهب العلم للإنسان ووضع كل أسباب بقاءه وتطوره في خلق الكون والفضاء المهيأ لكل تطبيقات العلم والعلماء في كل ركن من أركان الكون والفضاء، مما يجعلنا نحتاج إلى وقفة نعبر فيها بالامتنان والشكر لله الذي وضع كل أسباب الرخاء والرفاهية في إنسان يفكر ويبدع وفي مخلوقات حوله تستجيب وتنفذ بأمر الله إلى حين.
فالضرورات الخمسة التي تحافظ على صحة الإنسان في الهواء النقي والماء النظيف والغذاء المتوازن والعلم النافع فإن اجتماع كل هذا يعود على صحة الإنسان بالنفع من خلال تحويله إلى منتج بالعمل والإنتاج فالذي يحافظ على الهواء والماء والغذاء نظيفًا يتمكن من الحصول على كل أسباب العلم في التطوير والإبداع والابتكار والاختراع والذي يصبح عديم القيمة ما لم يتحول إلى منتج بالعمل والإنتاج، فيؤدي إلى المزيد من نظافة الهواء والماء ووفرة الطعام للحفاظ على الصحة من أجل مزيد من العلم والعمل والإنتاج حتى يحصل على مزيدٍ من الطعام في سلسلة متصلة الحلقات.
الإسلام يوجِّه إلى الحفاظ على الوقت
والإسلام حضَّ على الحفاظ على الوقت وبذل الجهد في العمل وإتقانه وتجويد الإنتاج فهو ذرة سنام التقدم والرخاء في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مع الاعتماد على الذات في تحقيق أفضل وأقصى استفادة ممكنة لا غنى عنها في تحقيق متطلبات الحياة.
فالحفاظ على الضرورات الخمسة بشكل ذاتي دون الاعتماد على الآخر وتوفيرها ولو في حدها الأدنى أو بالتدريج من أجل الوصول إلى الكمال، يحتاج إلى المزيد من العمل والإنتاج بعد وضوح الرؤية في اتخاذ القرارات في كل مجال فيحيي الآمال في الانعتاق من براثن التخلف والفقر إلى نور التقدم والازدهار.
فالمال هو عصب الحياة ويقضي الإنسان به كل حاجاته، فيعتبر محور حياة الإنسان فيعتمد على بذل الجهد والعمل والإنتاج في مقابل اقتطاع جزء من الزمكان من أجل الحصول على المال اللازم لتوفير الحد الأدنى من متطلبات حياته في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والوظيفة والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
فإتقان العمل وتطويره وتجويده شعيرة إسلامية دعا إلى التمسك بها في وجود عمالة مؤهلة ومدربة وكل هذا يصب في صالح العامل وأرباب العمل والبلاد ويترجم في نهاية المطاف إلى أموال تستخدمها الدولة في حل مشاكل الناس وتوفير أدنى متطلبات الحياة ولا مانع من الكفاية أو حتى الرفاهية.
وإتقان العمل وتجويد الإنتاج يحتاج إلى ثقة متبادلة بين أطراف المنظومة الإدارية القائمة على أمر العمل وتوظيف العمال في وجود الضمير والنية الصادقة والتي يجب أن تتميز بالشفافية في انتقاء وفرز القيادات التي تتميز بالخبرة والأمانة وصيانة العدالة بعيدًا عن المحسوبية وفي نفس الوقت يكون قوامها الثواب والعقاب.
أسباب إتقان العمل
فالثواب والتقدير المادي والمعنوي يطال كل المجدين والمجتهدين، مما يؤدي إلى مزيد من الإتقان في العمل وتطويره وتقويته وتحسينه وهذا يشعر الناس بقيمة العمل ومردوده المالي مما يؤدي إلى مزيد من بذل الجهد ومزيد من الإخلاص في العمل في سلسلة متصلة الحلقات لأن ذلك يؤدي إلى المزيد من تحسن في أحوال الناس المعيشية.
وهذا فيه إعجاز هائل لأن الثواب والعقاب يمثلان جناحي التقدم والازدهار ومن غيرهما فلا ثواب ولا عقاب وبهما يحاسب المهمل والكسول ويراجع الفاشل ويعاقب الفاسد من أجل إثراء العمل والإنتاج والدفع بالكفاءات وأصحاب الخبرة في كل المراكز القيادية في وجود مراجعة دائمة على جميع المستويات لأن الهدف من العمل والإنتاج هو في ترجمته إلى أموال تحل مشاكل البلاد والعباد.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب جامعة الأزهر
4 تعليقات