(34) إشراقات… رمضانية
كلما قلَّ الخطر الذي يتعرَّض له الجسم وتم تحديد درجة تصنيفه، يتم تخفيض درجة الاستعداد القصوى للجهاز المناعي إلى المتوسطة والبسيطة والعادية، خاصة عندما تستقر الأوضاع ويزول الخطر، فيعاود الجهاز المناعي مراقبته للأوضاع عن كسب ولا يتدخل إلا عند الضرورة حتى يُعيد التوازن لخلايا الجسم.
فيتمكَّن من العمل بكفاءته المعتادة وهكذا يقوم الجهاز المناعي العاقل والمتزن والقوي والمدرب بمهام الرقابة الدائمة واليومية بشكل ذاتي وتلقائي، مسيرًا من قبل ربه سبحانه وتعالى ودون رقيب عليه سوي نفسه وضميره الحي الذي يجعله محل احترام وتقدير من كل خلايا الجسم وأنسجته وأعضائه وأجهزته.
وبالرغم من هذا المجهود الضخم والعمل الجبار الذي يقوم به الجهاز المناعي، للحفاظ على صحة الإنسان وحماية حياته في كل الأوقات في وجود جهاز مخابراتي مقاتل شرس نشط وفعال، يدرك كل ما يحدث من حوله ويتصنت على كل شاردة وواردة.
ويسجل كل تصرف مادي أو معنوي معادٍ أو لكل الخلايا والأنسجة والأجهزة والأعضاء بالصوت والصورة والفيديو كليبات ووسائل أخرى حديثة ومتقدمة جدًا موجودة في ذات الخلايا ووظائفها الحيوية، حتى يباشر مهامه بنجاح منقطع النظير، حفاظًا على سمعته وسمعة الجسم الذي يحميه.
إلا أنه إذا اعتراه الضعف خاصة فيما يعتمد عليه من قلة المعروض من الغذاء المتوازن في وجود الفقر والجوع والحرمان، يتحوَّل الجهاز المناعي إلى عميل وخائن وجبان يتلصص على الجسد، بدلًا من التلصص على أعدائه.
وهذا فيه إعجاز هائل، لأن ضعف الجهاز المناعي يجعل الميكروبات والفيروسات، تبحث عن مكامن الضعف داخل الجسم وتفتح الثغرات، للسماح للفيروسات بدخوله، فيتمكن من تمكينها من دخول الخلايا والسيطرة عليها، من خلال لغة خاصة وشفرات للحوار تدل على الخيانة، فيتم تسجيل كل هذه المكالمات بين خلايا الجهاز المناعي الخائنة والفيروسات.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد