(53) إشراقات… رمضانية
هكذا وضع الإسلام القاعدة الذهبية في المساواة بين الناس والدفع بالكفاءات وأصحاب الخبرات بعيدًا عن الإقصاء والحفاظ على حياة الناس ومصالحهم بغض النظر عن الانتماء إلى الدين أو العرق أو اللون أو الجنس أو القبيلة واعتبار البشر جميعًا على امتداد الكرة الأرضية جيرانًا يحافظ كل منهم على مصالح الآخر، بل وأكثر من ذلك فإن الجار يرث جاره وكأنه واحد من أبنائه وأهله فقال صلى الله عليه وسلم: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” رواه البخاري.
ومن هنا نجد إن رمضان شهر القرآن الكريم، كان علامة فارقة فى عمر الزمان وكان نقطة الانطلاق والشرارة الأولى في تعظيم الله ورسله، فلم يكن شهرًا عاديًّا بمقاييس الأشهر العادية ولم يكن شهرًا من شهور السنة فحسب، وإنما كان رمزًا لبزوغ فجر جديد لهذا الدين الخاتم، الذي ختمت به الرسالات في آخر لقاء بين السماء والأرض، كي يؤكد وحدة الرسالات ووحدة خلق السموات والأرض، والتي تؤكد وحدانية الخالق سبحانه وتعالى.
الإسلام وضع القاعدة الذهبية في المساواة بين الناس
فكان رسالة هداية للبشرية جمعاء ولكل المخلوقات، فلم يكن شهر عبادة أو شهر طاعة فحسب، وإنما انفلق عنه الزمن في وقته وتوقيته زمانًا ومكانًا، حتى يُعرفنا بالله سبحانه وتعالى بعظمته ويحدثنا عن أفضاله ونعمه علينا ويعلمنا الأدب مع بعضنا البعض كبشر والالتزام الذي يفرضه علينا تنوعنا والتقدير لأهمية وقيمة أفكارنا ويوجهنا إلى احترام المخلوقات الأخرى، التي خلقها من أجلنا، كي تمدنا بكل أسباب الحياة من حيوانات ونباتات وجمادات ويجعلنا نقدر كل غيب عنَّا، حتى ولو كنا لا نراه بأعيننا كالجن والملائكة.
وهذا فيه إعجاز كبير، لأن رسالة الإسلام فيها الأمن والأمان والسلام، لكل البشر أبناء آدم عليه السلام وهو كذلك لكل الكائنات الأخرى التي تخدم الإنسان من الحيوان والطيور والحشرات والنبات والجماد، وأكد هذا في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، التي تؤكد حرمة الدماء وتمنع تعذيب الحيوانات، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله أدخل امرأة النار بقطة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض” متفق عليه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات