(80) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
لغز وجود الإنسان في الأطوار العمرية المختلفة وموته في لحظة، فيمضي بها قطار العمر من البداية إلى النهاية ويقف في محطات عديدة، يقفز منه الإنسان بعد وفاته بشكل مجهول ومحيِّر للعقول، دون وجود دليل قاطع على أن هذا الشخص سوف يغادر الحياة من عدمه وقبل موته بلحظة وهذا لغز الألغاز.
فكيف ينتقل الإنسان في أطواره المختلفة من حالة الجنين داخل الرحم، إلى مرحلة الطفولة المبكرة في الرضاعة عند سنتين، ثم مرحلة الطفولة الكاملة عند 7 سنوات، ثم مرحلة الصبية عند 10 سنوات، ثم مرحلة الفتوة عند 12 سنة ثم مرحلة المراهقة عند 14 سنة، ثم مرحلة البلوغ عند 17 سنة، ثم مرحلة الشباب عند 20 سنة، ثم مرحلة الرجولة من 20- 40 سنة، ثم مرحلة الكهولة من 40- 60 سنة، ثم مرحلة الشيخوخة من 60- 80 سنة، ثم مرحلة أرذل العمر من 80- 100 سنة.
هذه المراحل العمرية المختلفة التي يمر بها الإنسان، هي نفس المراحل العمرية التي يمر بها الكون، مع اختلاف الزمان والمكان ولا يعرف العلم ولا يفهم الطب حقيقة انتقال الكون وحقية انتقال الإنسان من مرحلة إلى أخرى في عمره الزماني وطوره المكاني، إلا بواسطة التخمينات ومن خلال النظريات الطبية، التي ليس لها علاقة بأرض الواقع.
طبيعة الروح صعبة الوصول إلى ماهيتها
فلا تفسر لنا كيفية انتقال الروح والجسد من مرحلة إلى أخرى، فلا نفهم طبيعة الروح ولا نعقل عمل الجسد المادي، الذي يستوعب الخلايا والأنسجة والأعضاء المختلفة، بشكل مبهر وغير منطقي وعجيب، لا يخفى على العاقل واللبيب أن وراء هذا التكوين وذلك التصوير قوة الله العليم الحكيم الخبير.
ثم يموت الإنسان فجأة وبلا مقدمات، في أي مرحلة من مراحل حياته، دون إنذار أو تنبيه، فجأة يفقد الإنسان نفسه وحياته، بعد فقدان الاتصال والتواصل بين الروح والجسد، وغياب الانسجام والعشق والهيام، الذي جعل الروح النورانية تعشق الجسد الترابي والجسد الترابي يذوب هيام في الروح النورانية، فعندما يغيب الوفاق ويحدث الخلاف والشقاق بين الروح والجسد، يصبح الفراق هو السبيل الوحيدة لنجاة الروح من الجسد وذهاب الجسد عن الروح، فتترك الروح الجسد فيعود إلى التراب كما كان تراب، ويذهب عنه أيام العز والغناء والغرام عندما كان فيه نفس لها روح وفيه يُمثل الجسد الوعاء.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالموت يأتي بغتة دون مقدمات، مما يعني أن إبهام الموت في حياة الإنسان هو عين البيان، فعليه أن يكون على أهبة الاستعداد للمغادرة في أي لحظة من لحظات حياته.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات